اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

الرئيس عون في ملتقى الإعلام العربي: مسؤوليتكم أن تجعلوا من الحقيقة مجدداً كل الخبر

صيدا اون لاين

اشار رئيس الجمهورية جوزاف عون في كلمة له خلال افتتاح أعمال الملتقى ​الإعلام​ي العربي، أن المقولة "​الحقيقة​ مملة باهتة، والإشاعة جذابة مثيرة"، المنسوبة إلى أحد خبراء ​التواصل​، تجسد الإشكالية المطروحة اليوم، وتشكل معضلة هذا العصر، ومعاناة المسؤولين، ومسؤولية الإعلاميين.


وأوضح أن العالم يعيش في زمن انقلابي في معاييره ومقاييسه، وحتى في قيمه، "زمنٍ لم تعد الحقيقة فيه قيمة مطلقة، حتى قيل وكُتب ونُظِّر لكونه زمن ما بعد الحقيقة"، مضيفاً: "لن أغرق في البحث عن الأسباب، ولن أدّعي معرفة كيف انتقلنا من قيمة الإنتاج إلى قيمة الاستهلاك، ومن قيمة العمل إلى قيمة الثمن، ومن قيمة العقل إلى قيمة الجيب، وبالتالي من قيمة الحقيقة إلى قيمة الغريزة... المهم أننا اليوم هنا، وهذه معضلة على مستوى العالم، علينا أن نعرفها ونتعايش معها، لكن علينا أن نسعى كل لحظة إلى عدم الخضوع لها وإلى السعي لتغييرها".


وسأل :" لماذا هي معاناتنا نحن كمسؤولين؟ لأنه لا يمكن لمجتمع بشري أن يتقدم ويتطور بناءً على كذبة، ولا يمكن أن نحقق خير الإنسان إلا بالحقيقة، فالكوارث التي عرفها البشر عبر التاريخ كانت نتاج الأوهام والأكاذيب والأضاليل، والاستثمار في إثارة الغرائز والشعبويات وفي أنصاف الحقائق أو أشباهها".

وأشار إلى أن الحكم الصالح يحتاج إلى من يقول له الحقيقة، "فيما الشعبويات الكارثية وحدها تقوم على التطبيل، وطبعاً على التضليل"، مضيفاً: "هنا تكمن معاناة الحاكم المسؤول، بين واجبه في مصارحة شعبه وقيادته على درب الخلاص الصعب، وبين من يسوق الناس بالدجل إلى طرقات الجحيم الواسعة المعبدة بأعذب الكلام".
وتابع الرئيس عون: "لماذا هي مسؤوليتكم أنتم كأهل إعلام وصحافة؟ لأنكم رُسُلُ هذا العصر، والإشكاليات المطروحة عليكم كثيرة وكبيرة، خصوصاً في عالم يتطور تقنياً بشكل مذهل. مهنتكم أمضت قروناً في زمن الكلمة المكتوبة، ثم انتقلت إلى الكلمة المسموعة، ثم إلى الكلمة المرئية، أما الآن فهي تتحوّل لحظوياً إلى عوالم مذهلة من الثورة التكنولوجية التي ما زلنا في بداياتها".

وأضاف أن مسؤولية الإعلاميين "هي في البحث عن سبل البقاء رسلاً للحقيقة في قلب هذه الانقلابات، وكيفية الحفاظ على الاستقلال المالي في زمن تبتلع فيه غيلان ​التكنولوجيا​ كل شيء، والدفاع عن معادلات ​القيم​ الأساسية، ليظل الخبر سقفه الحقيقة، فلا إعلام ولا من يُعلِمون أو يَعلَمون خارجها".

وأشار إلى أن هذه المسلّمة ليست من وضعه، بل نصّ عليها الإعلان العالمي ل​حقوق الإنسان​ الذي "أعطى الجميع الحقوق والحريات في التعبير في المادة 19، لكنه أكد أيضاً في المادة 29 أنه لا يُخضع أي فرد في ممارسة حقوقه وحرياته إلا للقيود التي يقررها القانون، مستهدفاً منها ضمان الاعتراف بحقوق الآخرين واحترامها، والوفاء بمقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي".
وأضاف: "أعرف أن مسؤوليتكم صعبة لأن معاناتنا كبيرة، ولأننا في زمن قاسٍ بقدر ما هو واعد. في مقررات كليات الإعلام القديمة، هناك معادلة ساخرة تقول إن الخبر ليس في أن كلباً عض شخصاً، بل في أن شخصاً عض كلباً، بينما في الحقيقة، الخبر الأصح هو خلاف المقولتين، فالكلب أكثر أصدقاء الإنسان وفاءً، والعضّ الوحيد هذه الأيام هو عضّ المظلوم على جرح الظلم والقهر والجوع في كل أنحاء العالم، فيما إعلام التواصل الاجتماعي منهمك بردحيات الشتائم والسباب".

وختم الرئيس عون قائلاً: "مسؤوليتكم اليوم أن تجعلوا من الحقيقة مجدداً كل الخبر، فالثابت في جدلية الحقيقة و​الكذب​ة أنه يمكن تضليل بعض الناس كل الوقت، كما يمكن تضليل كل الناس بعض الوقت، لكن يستحيل تضليل كل الناس كل الوقت. ولأنكم أنتم من أنتم، ولأنكم تجتمعون في ​لبنان​، في الأرض التي وُلدت مع الكلمة وعاشت من أجل ​الحرية​ وناضلت لأجل الحقيقة، الحقيقة التي وحدها تحرّر، ووحدها تعمّر، ووحدها تحقق الخير لكل البشر، أحييكم وأتوجه بالشكر للمنظمين والمشاركين، وأؤكد أن عاش الإعلام الحر المسؤول الخيِّر، لتحيا شعوبنا بخير ومسؤولية وحرية".

تم نسخ الرابط