تصويت المغتربين بين التمثيل الصحيح والمصلحة: نقاشات سياسية لا حقوقية
على وقع الحديث عن تسوية يعمل عليها، بالنسبة إلى مسألة تصويت المغتربين في الإنتخابات النيابية، تصب في إطار إلغاء اقتراعهم في الخارج، بحيث يكون على من يريد منهم المشاركة في هذا الإستحقاق الحضور إلى لبنان، ينتظر الجميع ما سيصدر عن جلسة مجلس الوزراء، اليوم، في هذا المجال، في ظل إشتداد المواجهة بين الأفرقاء السياسيين، سواء من يطالب بتعديل القانون النافذ أو بإجراء الإنتخابات وفقه.
من حيث المبدأ، النقاش حول هذه المسألة خرج، منذ أشهر طويلة، من دائرة البحث التقني أو الحقوقي، نظراً إلى أن مختلف القوى السياسية تتعامل معها من منطلق المصلحة، أي تحقيق المزيد من المكاسب أو الحد من الخسائر التي قد تتعرض لها، خصوصاً أنّ الجميع دخل عملياً مرحلة الحملات الإنتخابيّة.
إنطلاقاً من ذلك، ترصد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إرتفاع وتيرة الحملات حول تصويت المغتربين، نظراً إلى أن هناك من بين الأفرقاء من يظن أن إقتراعهم بحسب دوائرهم يصب في صالحه، بينما هناك من يعتبر أن ذلك سيمثل ضربة كبيرة له، ولذلك يُصر على حصرهم فيما بات يعرف بالدائرة 16، مشيرة إلى أن هذه الحملات، على الأرجح، لن تتوقف مهما كان القرار الذي سيصدر عن مجلس الوزراء، لا سيما أن الكلمة الأساس تبقى لمجلس النواب.
بالنسبة إلى هذه المصادر، المشكلة تكمن بأصل النقاش، على إعتبار أنه لا يقوم على البحث عما هو أفضل بالنسبة إلى المغتربين، بل من منطلق مصلحة الأفرقاء، ما يصعب من إمكانية الوصول إلى حل منطقي يحقق مصالح المغتربين، بالرغم من أن الجميع يدرك الدور الذي يؤدّيه هؤلاء في مختلف الظروف، بحيث بات يتم التعامل معهم من منطلق أن دورهم هو إرسال الأموال والمساعدات إلى البلد فقط.
في هذا السياق، بات من الواضح أن الفريق المطالب بتعديل القانون، يراهن على أن ذلك سيساعده على هزيمة "حزب الله" وحلفائه، بينما الأخير، من خلال الإصرار على رفض الأمر، يعتبر أن المطلوب الحد من تأثير أصوات المغتربين، لا سيما أنه لا يملك القدرة على تنظيم الحملات الإنتخابيّة في الخارج، لا بل إن حتى مؤيديه في بعض الدول سيفضلون عدم المشاركة في الإستحاق.
حول هذه النقطة، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن أي نقاش في قانون الإنتخاب، في الوقت الراهن، سياسي، بالدرجة الأولى، ينطلق من مصلحة كل فريق في الذهاب إلى الخيار أو الخيارات التي تصب في صالحه، وبالتالي لا يمكن إعتبار أن هناك فريقاً لديه الحرص على المغتربين أكثر من الآخر، وتلفت إلى أن النقاش، في حال كان الهدف منه البحث عن أفضل تمثيل لهؤلاء، كان من المفترض أن يفتح قبل أشهر طويلة، حيث لا يكون البحث عن المصالح وحده المؤثر في المواقف.
علاوة على ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن قانون الإنتخاب الحالي، هو في الأصل نتيجة تسوية تمت بين الأفرقاء، حيث كان كل فريق، عند إقراره، يبحث عن الطريقة التي تعطيه أكبر عدد ممكن من النواب، بدليل أن نتيجة معظم المقاعد محسومة سلفاً، في حين أن الصراع هو على كيفية تحقيق بعض المكاسب في هذه الدائرة أو تلك، إلا النقاش محتدم اليوم، أكثر من الإنتخابات الماضية، نظراً إلى أن التجربة أثبتت قدرة الصوت الإغترابي على تحقيق خروقات في دوائر معينة لها ثقلها السياسي.
في المحصلة، تعتبر هذه المصادر أنّ ما ينبغي التوقف عنده، في هذا الإطار، هو أنّ الصراع القائم حول قانون الإنتخاب، قد يكون بوابة لما هو أخطر في المرحلة المقبلة، بسبب الوظيفة التي تُعطى إلى هذا الإستحقاق، من قبل بعض الأفرقاء، تحديداً على مستوى التوازنات التي من المفترض أن تحكم البلاد بعدها.