توتر غير مسبوق بين مديرة "الأونروا" والفصائل الفلسطينية: مطالبة بإقالتها... وحرق صورها
كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة" عن إطلاق "اللقاء التشاوري الوطني" الفلسطيني، وهو إطار يضم كلاً من: "تحالف القوى الفلسطيني" بما فيها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، و"القوى الإسلامية" بما فيها "عصبة الأنصار" و"الحركة الإسلامية المجاهدة"، و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"أنصار الله" بزعامة القيادي جمال سليمان، و"التيار الإصلاحي" لحركة "فتح" برئاسة العميد محمود عبد الحميد "اللينو".
وتؤكد المصادر أن هذا الإطار الفلسطيني أُطلق بهدف التعامل مع موضوع سحب السلاح الفلسطيني في المخيمات، بعد عدم التلاقي مع حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في مقاربته بموقف موحّد، حيث بادرت قوات الأمن الوطني إلى تسليم السلاح الثقيل والمتوسط، فيما أعدّ اللقاء رؤية موحّدة شاملة توازي بين تنظيمه وإقراره الحقوق المدنية والاجتماعية.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء، الذي عقد سلسلة اجتماعات، أعدّ رؤية موحّدة لمقاربة موضوع السلاح الفلسطيني على قاعدة تأكيده ضمنيًا عدم وجود سلاح ثقيل، وأن القوى الفلسطينية التي شاركت في "حرب الإسناد" انطلاقًا من الجبهة الجنوبية اللبنانية استخدمت سلاح "حزب الله"، ثم أعادت ما تبقّى منه بعد وقف الحرب، قبل أن تتفق على توحيد اللجان الشعبية وتفعيل دورها وفق خطة متكاملة توازي ما تقوم به حركة "فتح" وفصائل المنظمة في المخيمات–هيكلتها وتفعيلها تحت اطار دائرة شؤون اللاجئين.
وأوضحت المصادر أن اللقاء طرح فكرة "القوة الأمنية المشتركة"، وهو يدرس أبعادها دون اتخاذ قرار حاسم حتى الآن، بخلاف قراره بخوض مواجهة سلمية موجعة ضد مديرة وكالة "الأونروا" في لبنان، دوروثي كلاوس، باعتبارها "الرأس المدبّر"، وصولًا إلى منعها من دخول المخيمات، والمطالبة بإقالتها، وحرق صورها في مخيم عين الحلوة.
وارتباطًا بهذا القرار، شهدت العلاقة بين كلاوس والمخيمات توترًا غير مسبوق، على خلفية تهميشها دور هذه القوى وعدم التشاور معها في القرارات المصيرية التي تمسّها، إضافة إلى اتهامها بتقليص الخدمات الحيوية، ولا سيّما في القطاعين التربوي والصحي، رغم النفي المتكرّر للوكالة في بيانات متلاحقة.
ويؤكد مسؤول فلسطيني بارز لـ"النشرة" أن الاجتماعات بين كلاوس والقوى الفلسطينية انقطعت منذ فترة نتيجة احتدام الخلاف، فيما استعاضت المديرة عن هذا التنسيق بالتواصل مع لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، في خطوة اعتبرتها الفصائل محاولة للاحتماء بها للالتفاف على الاحتجاج الفلسطيني، خصوصًا في ظل تباين وجهات النظر بين الطرفين حول ملف السلاح الفلسطيني ومسألة سحبه من المخيمات.
ويوضح المسؤول أن التحركات الاحتجاجية الأخيرة، التي عمّت المخيمات الفلسطينية من الشمال إلى الجنوب، وخصوصًا أمام المقر الرئيسي في بيروت وفي مخيم عين الحلوة، عبّرت بوضوح عن رفضٍ شعبي واسع لبقاء كلاوس في منصبها.
واللافت فيها أن المحتجين لم يرفعوا فقط شعارات تطالب بمحاسبتها على سياساتها "الممنهجة" التي تُضعف دور الوكالة وتحرفه عن مساره الإنساني، بل بإقالتها فورا وطردها، في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان الانتفاضة الفلسطينية التي شهدتها المخيمات عام 2016 ضد المدير العام الأسبق للأونروا ماتياس شمالي، والتي استمرت أشهرا وانتهت بإبعاده عن منصبه.
توازيًا، نشر "اللقاء التشاوري الوطني الفلسطيني" تقريرًا سياسيًا حادّ اللهجة، اعتبر أن كلاوس باتت تلعب دورًا مثيرًا للجدل في إدارة ملف اللاجئين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنها "تحوّلت في غضون عقدين من باحثة أكاديمية هادئة إلى شخصية جدلية تتقاطع عندها خيوط المال والسياسة والأمن والتكنولوجيا في أكثر الملفات حساسية في الشرق الأوسط: ملف اللاجئين الفلسطينيين."
ويُصوّر التقرير الذي نشره اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي دوروثي كلاوس كرمزٍ لمرحلة "الإنسانية المؤتمتة"، حيث يتحوّل اللاجئ الفلسطيني من إنسان له مأساة وحقوق إلى رقم داخل قاعدة بيانات تُدار من الخارج. ويشير إلى أنّ مشروعها في الأونروا يتجاوز حدود التحديث الإداري ليصبح أداة للسيطرة الناعمة على المجتمع الفلسطيني، عبر التمويل الموجّه، والرقابة الرقمية، وتكميم الأصوات الوطنية تحت شعار الحياد والشفافية.
ويوجّه التقرير اتهاماتٍ مباشرة إلى كلاوس بإدارة الوكالة بعقليةٍ أمنيةٍ وبيروقراطيةٍ صارمة، إذ ضيّقت على المبادرات الفلسطينية، وأحالت موظفين منتقدين إلى إجازاتٍ قسرية تحت ذريعة "الحياد"، في حين استخدمت الشفافية الرقمية غطاءً لرقابةٍ متزايدة على حياة اللاجئين. ويخلص التقرير إلى أن كلاوس باتت تُجسّد تحوّل الأونروا من وكالة إغاثة إنسانية إلى جهاز مراقبةٍ، تُدار فيه حياة الفلسطينيين عبر الخوارزميات، ويُقاس فيه الوجع بالبيانات لا بالإنسان.