اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

الترسيم مع قبرص نكث بوعود لبنان لأنقرة: تركيا مستاءة من تجاهل مصالحها

صيدا اون لاين

يسود استياء مكتوم في الأوساط التركية تجاه لبنان، بعد إقرار حكومة الرئيس نواف سلام اتفاقية عام 2007 لترسيم الحدود البحرية مع قبرص، من دون أيّ تشاور مع أنقرة أو دمشق، مع الإشارة إلى أنّ الترسيم المُشترك للبنان وسوريا مع قبرص كان سيؤدّي إلى نتائج أفضل للبنان من فصل المسارات.

في العاصمة التركية، تُقرأ هذه الخطوة بوصفها نكثاً بالوعود التي كان رئيسا الحكومة السابقان، نجيب ميقاتي وسعد الحريري، قد قطعاها للرئيس رجب طيّب إردوغان، حين اتُّفق على وضع أنقرة في أجواء أيّ مشروع لترسيم الحدود مع قبرص أو سوريا، والتشاور معها بشأنه. هذا التفاهم، الذي أتى في ذروة النزاعات حول حقول الغاز في شرق المتوسط، مثّل بالنسبة إلى تركيا التزاماً سياسياً وأخلاقياً يجعلها طرفاً معنياً بأيّ خطوة تمسّ التوازنات الإقليمية في المنطقة، ولا سيّما في ظلّ الاشتباك المُزمن بينها وبين نيقوسيا وأثينا حول مناطق النفوذ البحرية.

من وجهة نظر المسؤولين الأتراك، ما أقدم عليه لبنان يأتي في سياق مسارٍ من التجاهل الرسمي لتركيا، بدأ مع انطلاقة العهد الجديد في بيروت، وتجلّى في غياب قنوات التواصل المباشر بين القيادتين اللبنانية والتركية. وبحسب مصادر في وزارة الخارجية التركية، امتنعت بيروت عن طلب لقاءٍ بين الرئيس جوزيف عون والرئيس رجب طيب إردوغان، في وقتٍ يقوم فيه عون بجولات على دولٍ «لا تمتلك أدواراً تُقارن بدور تركيا، لا في المنطقة ولا في لبنان».

ويأخذ هؤلاء على الرئيسين عون وسلام أنّهما «لم يقدّرا مواقف أنقرة الداعمة للبنان خلال العدوان الإسرائيلي الأخير وبعده، خصوصاً تلك الرافضة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي، والتي عبّر عنها إردوغان في أكثر من محفل. إلى جانب التعاون الأمني الوثيق بين الاستخبارات التركية والأجهزة اللبنانية في ملف مكافحة الإرهاب، ولا سيما في ملاحقة خلايا تنظيم داعش».

هذا السلوك اللبناني، من وجهة نظر أنقرة، يمثّل تجاهلاً وإدارة للظهر في لحظةٍ إقليميةٍ شديدة الحساسية. ولا يقتصر الاستياء التركي على البعد السياسي، بل يمتدّ إلى الهواجس الأمنية، إذ تفيد المصادر بأنّ التقارير الواردة إلى أنقرة تتحدّث عن نشاطٍ متزايدٍ لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) داخل الأراضي اللبنانية، وعن تفعيل مراكز تواصل لها في بيروت، «ما يجعلنا نتوقّع تنسيقاً على هذا المستوى المتعلّق بالأمن القومي لبلدنا».

ويسود في الدوائر التركية قلق متزايد من تصاعد الخطاب المؤيّد لإسرائيل داخل بعض الأوساط اللبنانية، بالتوازي مع حملات دعائية موجّهة ضد أنقرة. وتتابع الجهات المعنية في تركيا باهتمام سلسلة الحملات الإعلامية والسياسية التي شُنّت ضدها خلال الأسابيع الماضية من قبل مناصرين لـ«القوات اللبنانية» وعدد من الشخصيات المحسوبة على الفريق الخصم للمقاومة في لبنان، والتي روّجت لمزاعم تفيد بأنّ أنقرة تسهّل تمويل حزب الله وتتحضّر لدعم «الجماعة الإسلامية» في الانتخابات المقبلة.
وفي موازاة ذلك، تزايدت هواجس أنقرة حيال حالة الفراغ التي يعيشها الشارع السنّي اللبناني، والتي لم تعد مجرّد غياب سياسي، بل أصبحت «ثغرة اجتماعية خطيرة». فبحسب المسؤولين الأتراك، «استمرار إقصاء سعد الحريري ومنع أي نشاط سياسي لتيار المستقبل ضربا التوازن الداخلي، وتركا الساحة السنّية عرضةً للتآكل والانقسام، وللاختراق من قبل أطراف منافِسة، أبرزها القوات اللبنانية وبعض الشخصيات السنّية المتحالِفة معها».

وتشير بعض الأوساط التركية إلى أنّ «جهوداً حثيثة بُذلت خلال الأشهر الماضية، وتحديداً بعد زيارة سعد الحريري إلى لبنان في آذار الفائت، قادها رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، لإقناع قيادة تيار المستقبل بعدم ترك الساحة السنّية في حالة فراغ، وضرورة الانخراط في الانتخابات النيابية وتفعيل النشاط السياسي، منعاً لانزلاق البيئة السنّية نحو محاور متصالِحة مع تل أبيب».

وبحسب هذه الأوساط، فإنّ أنقرة تخشى أن تتولّى شخصيات مثل أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، إلى جانب أطراف أخرى، قيادة تحالفاتٍ تُسهِم في تكريس مشروع «الأسرلة» داخل لبنان.

بهذا المعنى، تبدو أنقرة في موقع المراقب القلِق على مصالحها وتثبيت نفوذها في شرق المتوسط وفي المشرق عموماً، مع تمسّكها بخيار الانخراط التدريجي في الملف اللبناني، في محاولة لحماية موقعها في المعادلة الإقليمية المتغيّرة.

تم نسخ الرابط