"بيروت 1"يرفع منسوب التفاؤل... ومرحلة أميركية جديدة مع عيسى
بأجواء من الإيجابية والتفاؤل، وحضور سياسي واقتصادي فاعل، ودعم عربي ودولي واضح، انشغل الوسط السياسي اللبناني بمتابعة المؤشرات الإيجابية التي تمثلت في زيارة الوفد السعودي الرفيع المستوى برئاسة الأمير يزيد بن فرحان، وتقديم السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون، وذلك بالتزامن مع موعد افتتاح رئيس الجمهورية لمؤتمر “بيروت 1” الاقتصادي اليوم، حيث من المتوقع أن يلقي كلمة مهمة.
وإذ تبدو المؤشرات التي نقلها الوفد السعودي إلى المسؤولين اللبنانيين مبشّرة بمرحلة جديدة من التعافي والنهوض، فإن انعقاد مؤتمر “بيروت 1” الذي ينتظره اللبنانيون لم يكن ليحصل لولا إدراك الدول الفاعلة بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. ويأتي ذلك إلى جانب المساعي الفرنسية الحثيثة والتأييد السعودي الكامل، بحيث تشير المصادر المتابعة إلى أنّ نجاح الجيش اللبناني في القيام بمهامه، لا سيّما إحراز تقدم ميداني في تنفيذ خطة سحب السلاح غير الشرعي ووقف شبكات تصنيع وتهريب المخدرات، يبعث برسائل إيجابية تظهر من خلال الحركة الدبلوماسية الكثيفة إلى بيروت، بالتزامن مع الضغوط الدولية والعربية التي بدأت تأخذ مداها، بانتظار أن تظهر نتائج هذه الضغوط أيضاً على الجانب الإسرائيلي في وقف التصعيد العسكري اليومي.
وفي السياق، لا يمكن فصل التقدّم في العلاقات اللبنانية – السعودية عن التواصل السعودي – الإيراني الذي أفضى إلى تسليم طهران رسالة إيرانية إلى واشنطن عبر السعودية، قبل اللقاء المرتقب بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب في 18 الجاري.
ارتفاع منسوب التفاؤل
ورأت المصادر أن “تزامن انطلاق عمل السفير الأميركي من أصل لبناني ميشال عيسى مع أجواء التفاؤل وعودة الحيوية السعودية إلى لبنان، يزيد من منسوب التفاؤل، بحيث إن الإدارة الأميركية تعوّل على دور السفير الجديد في إطلاق المفاوضات غير المباشرة، أو عبر الميكانيزم، بين لبنان وإسرائيل من أجل تثبيت قرار وقف النار وحلّ النقاط العالقة”. وأشارت إلى أن “استمرار حزب الله في مواقفه التصعيدية على لسان مسؤوليه قد يرتدّ سلباً عليه، لا سيما وأن هذه المواقف لن تتمكن من تغيير مسار الأمور”، مضيفة أن “رسائل جديدة وصلت إلى الرئيس نبيه بري تفيد بأن طهران ليست في وارد التصعيد، وأن مواقف حزب الله ترتبط بواقع الحياة السياسية اللبنانية، وحاجة كل فريق إلى شدّ العصب الداخلي لجمهوره إلى حين اتضاح التوجه النهائي للعملية الانتخابية التي ستحدد أوزان القوى الداخلية وتوازنات المرحلة السياسية المقبلة”.
ولفتت المصادر إلى أن “الوفد السعودي أشاد بالإنجازات التي حققتها الحكومة لناحية ضبط الحدود البرية ومكافحة تهريب المخدرات من لبنان، إضافة إلى الإجراءات المالية لمكافحة تبييض الأموال، وبحث في آلية تفعيل العلاقات التجارية مع لبنان والاستثمارات المقبلة”. وكشفت أن “مؤتمر بيروت 1 سيفتح الباب مجدداً أمام مجموعة من المؤتمرات الاقتصادية والمالية التي ستنعقد في لبنان، ومنها مؤتمر اتحاد المصارف العربية الذي سيبحث في عدد من الملفات المالية المهمة”.
واعتبرت أن “عودة انعقاد المؤتمرات الاقتصادية إلى بيروت، بالتزامن مع زيارة بابا الفاتيكان إلى لبنان، تبعث برسائل مطمئنة مغايرة للأجواء التي سادت في الأسابيع الماضية”.
السفير الأميركي الجديد
وكان السفير الأميركي الجديد قد سلّم رئيس الجمهورية أوراق اعتماده الموقعة من الرئيس دونالد ترامب، في احتفال أقيم في القصر الجمهوري. وأعرب عن سعادته بتعيينه في لبنان، ناقلاً تحيات الرئيس الأميركي، ومؤكداً العمل على تعزيز العلاقات اللبنانية – الأميركية وتطويرها في المجالات كافة. ورحب الرئيس عون بالسفير عيسى، متمنياً له التوفيق في مهامه، لا سيما وأنه من أصل لبناني، ومشدداً على أهمية العلاقات بين لبنان والولايات المتحدة.
كما استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة السفير عيسى في زيارة بروتوكولية بمناسبة توليه مهامه، حيث جرى خلال اللقاء، الذي وُصف بأنه “جيّد وصريح”، عرضٌ للأوضاع العامة. واختتم عيسى جولته في السراي الحكومي حيث التقى رئيس الحكومة نواف سلام، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع الجمهورية اللبنانية. بدوره، تمنّى الرئيس سلام للسفير الأميركي التوفيق في مهامه، وأهداه نسخة من كتابه “لبنان بين الأمس والغد”، فيما شدد عيسى على ضرورة استفادة لبنان من “نافذة الأمل” المتاحة حالياً.
الأمير يزيد بن فرحان في بيروت
وفي سياق متصل، وصل إلى بيروت الموفد السعودي يزيد بن فرحان على رأس وفد ضمّ اللجنة الفنية السعودية المتخصصة بملف رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية، حيث التقت الوفود الرئيس سلام في السراي الحكومي، ومن المقرر أن تشارك في مؤتمر “بيروت 1”.
وكتب الرئيس سلام على منصة “إكس” أنه طلب من “كل الجهات المعنية العمل السريع لإنهاء أي عوائق أمام عودة هذا الرافد المهم لاقتصاد لبنان”. وأكد أن “هذا التحرك جاء استجابة لما دار في لقاء فخامة الرئيس جوزاف عون ولقائي مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية. فمواقف سموه والمملكة في دعم لبنان واستقراره يشهد لها الجميع. ولهم منا كل التقدير والشكر ودوام المحبة”.
وأضاف: “جددت للوفد الكريم تعهدنا بأن لا يُستخدم لبنان منصة لزعزعة أمن أشقائه العرب، أو أن يكون معبراً لتهريب المخدرات أو أي ممنوعات. كما رحّبت بالوفد السعودي المشارك في مؤتمر بيروت 1، والذي يعطي وجوده في بيروت دفعاً كبيراً لنهوض لبنان الاقتصادي”.