اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

برّي يعزف Solo مجددًا والخليل إلى السعودية بعد زيارة البابا

صيدا اون لاين

منذ الاغتيال الكبير للأمين العام السابق لـ "حزب الله" السيّد حسن نصر الله، يمشي الرئيس نبيه برّي في غابة السياسة كثعلبٍ متمرّس لكنه مُتعَب، يحفظُ تعاريجها وتقلبّاتها كما يحفظُ المرءُ خطوط يده، ولا يُكثِر من الإشارات، لكنّ أثره يُرى في كلّ تفصيل.

يتسلّل بين الفخاخ بخفة محترف لا يقع، ويقرأ حركة الخصوم بمهارة  فلا يُخطئ أنفه رائحة الفريسة. يتقنُ فن المشي في الظلال التي لا يراها غيره، ويعزف Solo ويعرف كيف يضبط اللحن حين يعلو النشاز. لذلك، عندما جاهر "حزب الله" بسحب الوكالة منه في كتاب اللاثقة الذي وجّهه إلى الرؤساء الثلاثة، أصاب "الحزب" وتر برّي الحسّاس، ودفعه إلى كسر صمته، ما أرغم "الحزب" على إصدار شروحات.

تروي دوائر "عين التينة" لـ "نداء الوطن"، أن جلسة مكاشفة ثقيلة جمعت الرئيس برّي بالشيخ نعيم قاسم عقب الكتاب. هناك، خلع قاسم عن نفسه عباءة القرار، وقال إنه ليس من صنعه ولا من خطّه، ودفع بالمسؤوليّة نحو جناح "حزب الله" الموصول مباشرةً بالحرس الثوري الإيراني، قبل أن يصارح الرئيس برّي بوضوح بأن الحلّ لا يُصاغ في بيروت بلّ في طهران. حينها أدرك برّي أنّ الرسالة بلغت مقصدها، فاختار عدم الانكفاء، وأوفد حامل رسائله وكاتم أسراره علي حسن الخليل إلى طهران، بعدما أيّده نعيم قاسم بهذا المسار.

برّي المنزعج، يُدرك أنه في أوقات الإنكسار، لا يُنقذ السفينة إلّا من خَبِر البحر، وأن الأدوار تتسع له وحده، لأن دهاءه بقدر ما أثار الجدل، بقدر ما بقي صمام الأمان الذي لم يجد أبناء طائفته بديلًا عنه. وبحسب رواية الدوائر، قال الرئيس برّي لأمين عام "حزب الله": "ما بقبل كون مفاوض وحدا عم ينكوز فيي"، وقد وافقه الشيخ نعيم في رفضه لمضمون الكتاب، مؤكّدًا أنه ليس من صنعه ولا من خطّه. أمّا الرسالة الأوضح، فحملها علي حسن الخليل إلى طهران، طالبًا من الإيرانيين حسم الأمر مع "جماعتهم في بيروت" على قاعدة: إمّا أن يفاوض برّي Solo من دون منشّزين، أو فليكلّفوا سواه بالمهمّة الموضوعة على كتفيه.

وعلى الرغم من أن كتاب سحب الثقة كان الدافع المباشر للزيارة، إلا أن برّي حمّل علي حسن الخليل ثلاثة ملفات لبنانية إضافية: السلاح، إعادة الإعمار، والانتخابات، فضلًا عن الملفّ الإقليمي الأوسع انطلاقًا من إيمانه بأنه ما زال قادرًا على لعب دورٍ بين الرياض وطهران، وعلى صياغة مقاربة تعيد ترتيب الأحجار في رقعة الحلّ اللبنانية، من بوابة التفاهم بين القطبين الإقليميين.

يُدرك برّي أنه الشيعي الوحيد القادر على الإمساك بالخيوط الرفيعة للعبة تتخطّى حدود لبنان. وفي المقابل، يُدرك "حزب الله" ومعه طهران أن ياقة برّي تلك التي لم ينحنِ لها زرّ حتى في زمن "الأيرنة" الصرف، لا تزال قادرة على الاختراق لبنانيًا وعربيًا، حين تُغلق الأبواب أمام سواه.

تقول دوائر "عين التينة" إن علي لاريجاني خلال زيارته لبيروت في تشرين الأوّل الفائت، سمع من الرئيس برّي نصيحة مباشرة بالتوجّه إلى الرياض، انطلاقًا من إدراكه بأن عقد المنطقة لا تُفكّك بخيطٍ واحد، وأن أيّ تسوية كبرى تحتاج إلى تلاقي السعودية وإيران معًا. والحلّ في لبنان، كما تقول الدوائر، له نكهة سعودية ولون إيراني، ولا يستقيم بحضور طرف وغياب آخر.

تكشف الدوائر عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي إلى إيران، كما تكشف عن اتصال جرى بين الأمير يزيد بن فرحان والوزير السابق علي حسن الخليل، تمّ بموجبه الاتفاق على زيارة سيقوم بها الخليل إلى الرياض، بعد انتهاء زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، حاملًا رسالة مزدوجة لبنانية ـ إيرانية.

وتوضح الدوائر أن الرسائل السعودية الأخيرة إلى برّي، حملت إشارات إيجابية من ولي العهد محمد بن سلمان، مدعومة بتفاهمات أوليّة مع واشنطن بشأن لبنان، ما قد يضع البلاد أمام أفق جديد من التفاهم الإقليمي.

تم نسخ الرابط