اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

رفع مستوى التمثيل بين لبنان وإسرائيل وميكانيزم المفاوضات المباشرة

صيدا اون لاين

شكّل الاجتماع الأخير للجنة مراقبة وقف إطلاق النار "الميكانيزم"،حدثًا لافتًا أعاد تحريك ملف العلاقة بين لبنان واسرائيل ضمن سياق غير عسكري. فقد شارك للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقودداخل آلية لجنة عسكرية، ممثلون مدنيون من الجانبين، بعدما ضمّ الوفد اللبناني السفير السابق سيمون كرم، فيما أوفدت إسرائيل ممثلًا من مجلس الأمن القومي. هذه الخطوة جاءت بعد أسابيع من الضغوط والكلام عن أهمية وضرورة توسيع هذه اللجنة وتطعيمها بمدنيين تمهيداً لمحادثات أوسع واكثر جدية بين الطرفين، لكنها أثارت أسئلة كثيرة حول معناها وحدودها.


ورغم أن مشاركة شخصيات مدنية ليست منقطعة تماماً عن المسار التفاوضي بين البلدين (استعين بفرق تقنية ومدنية خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية عام 2022 بوساطة أميركية)، إلا أن ما جرى هذه المرة يكتسب بعدًا مختلفًا، باعتباره تواصلًا مباشرًا داخل لجنة مشتركة، وهو ما لم يحدث منذ إنهاء عمل اللجنة المشتركة المنبثقة عن اتفاق الهدنة في الثمانينيات. لذلك، يمكن تصنيف الخطوة كسابقة داخل إطار آليات وقف النار، ولا يمكن في الوقت نفسه اعتبارها بمثابة تطبيع سياسي، بل بالأحرى بمثابة كسر للجليد.


الحكومة اللبنانية سارعت إلى ضبط السقف السياسي للمشاركة المدنيّة، حيث أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن الخطوة "لا تشكّل مفاوضات سلام ولا تطبيعاً"، وأن أي تحوّل من هذا النوع يبقى مرتبطًا باعتبارات أوسع، في مقدّمها ​المبادرة العربية للسلام​ التي اقرت عام 2002. في المقابل، أبدت إسرائيل رغبة في توسيع الحديث ليشمل إمكانات تعاون اقتصادي في المستقبل، وهو ما أدّى إلى زيادة حساسية الملف داخلياً، ولكنها وضعت شروطاً لذلك أولها نزع سلاح حزب الله.

تكمن أهمية هذا التطور في كونه جزءاً من إدارة الأزمة أكثر منه مساراً سياسياً. فالترتيبات التي أعقبت حرب 2024 بقيت هشّة، وفضّلت الأطراف، بوساطة أميركية ودولية، الحفاظ على قنوات اتصال تمنع الانزلاق إلى مواجهة واسعة. من هنا، يبدو إدخال الممثلين المدنيين محاولة لإضفاء طابع "عقلاني" و"مؤسسي" على معالجة الخروقات، وحصر النقاش بقضايا مثل خطوط الانسحاب، مناطق التوتر، الاحتياجات الإنسانية، وإعادة إعمار مناطق الجنوب.
لكن لا يمكن عزل هذا التطور عن الانقسام الداخلي في لبنان، خصوصاً مع الجدل المتصاعد حول خطة الجيش المكلّف من مجلس الوزراء، والهادفة إلى حصر السلاح بيد الدولة. فـحزب الله اعتبر أي خطوة مشابهة، غطاء لتقليص دوره العسكري والسياسي، وربطها بالضغوط الدولية والإسرائيلية. ومع أن الحزب أبدى استعداداًلخفض مستوى الاحتكاك المباشر، إلا أنه رفض أي مسار يؤدي إلى تفكيك منظومته العسكرية قبل معالجة ملفات الاحتلال والحدود، ما يعني أن أي محاولة لبناء تفاهمات طويلة الأمد ستظل رهينة موازين القوى الداخلية والإقليمية.

على الجانب الآخر، يتم النظر إلى توسيع التمثيل داخل لجنة "الميكانيزم" كجزء من مسار بدأت ملامحه مع نجاح مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. فالدور الأميركي -الذي مثّله سابقًا آموس هوكشتاين- أثبت قدرة على إعادة تنظيم العلاقات التقنية بين الجانبين، مع الحفاظ على خطوط حمراء سياسية تمنع الانفجار لكنها لا تُفضي إلى تطبيع.

في المحصلة، لا يعني رفع التمثيل الى مستوى مدني انتقالًا نحو سلام أو تطبيع، بل محاولة لتعزيز "إدارة النزاع" عبر قنوات أقل عسكرية وأكثر تقنية، وهو لن يوقف بطبيعة الحال، تنامي الكلام عن ضربة عسكرية إسرائيلية، انما بنسبة اقل مما يروّج له البعض في الداخل والخارج على انه "حرب"، لان الأرجح ان الضربة ستكون محددة ولأيام قليلة وليس لاسابيع، وبمثابة رسالة لفرض التفوق في أي محادثات مستقبلية قد تجري. ومع ذلك، تبقى الخطوة ذات دلالة رمزية كبيرة، وقد تُمهّد لمسارات إضافية في ملفات الحدود والأمن، بشرط ألا يتكرّس الانطباع بأنها تحوّل سياسي، وأن تُدار ضمن سقف وطني واضح يوازن بين ضرورات التهدئة ومقتضيات السيادة، وهذا على الأرجح ما سيتطرق اليه اليوم الأمين العام للحزب نعيم قاسم

تم نسخ الرابط