ما سيُبحَث في الاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم"...؟
كان من المتوقع أن يكون الاجتماع الأول للجنة الإشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية - ميكانيزم - اجتماعاً تعارفياً والبحث في العناوين العامة للتفاوض بين لبنان والكيان الإسرائيلي، بعد إنضمام دبلوماسيين مدنيين للجانب اللبناني والجانب الإسرائيلي. هذا التفاوض الذي حدّد له رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء سقفا واضحاً تقنياً أمنياً بلا فواصل وإضافات سياسية، يريد أن يطرحها الاحتلال الإسرائيلي والجانب الأميركي، اللذين طالما طرحا ضرورة التوصل الى مفاوضات مباشرة ذات طابع سياسي تنتهي حسبما يشتهي الجانبان الى تطبيع العلاقات والتوصل الى اتفاق سلام في المدى الأبعد.
كل ما تحقق بعد تعيين السفير سيمون كرم عضواً مدنياً في لجنة الميكانيزم، كان ترحيباً أميركياً وتعهدات وردت لاحقاً بتسريبات على ألسِنَة مصادر أميركية لا مسؤولين رسميين بتصريحات علنية، مفادها ان تعيين مدني في اللجنة الخماسية يُسهل التفاوض ويؤدي الى تخفيف التصعيد الذي كان يهدّد به الاحتلال الإسرائيلي، وان الإدارة الأميركية بصدد الضغط على رئيس حكومة كيان الاحتلال نتنياهو لمنع أي تصعيد أو الاندفاع نحو حرب من جانب واحد، تستهدف بنى تحتية رسمية حكومية لبنانية هذه المرة لا حزب الله فقط، بحسب التهديدات الإسرائيلية التي وردت الى رئيس الحكومة نواف سلام كما قال.
ولكن كيان الاحتلال أعقب الاجتماع الأول للجنة بحضور المدنيين والمستشارة مورغان أورتاغوس بغارات على أربع قرى جنوبية، كانت بمثابة رسالة للجنة وللبنان، بأن سقف التفاوض سيكون تحت النار للضغط على لبنان لعدم الاكتفاء بالجانب الأمني التقني من البحث في كيفية وقف الاعتداءات والانسحاب من المناطق الجنوبية المحتلة واطلاق سراح الأسرى وعودة الجنوبيين المهجرين الى قراهم لإعادة ترميم أو إعمار ما أمكن. وربط تحقيق هذه البنود العسكرية ببند إقامة منطقة عازلة خالية من السكان وببنود سياسية تطبيعية قدر الإمكان. بينما أعلن رئيس الجمهورية جوزاف عون رفضه المطلق للتفاوض تحت النار.
ومع ذلك، لا زال في لبنان من يراهن على ان الاجتماع المقبل للجنة الخماسية سيدخل في تفاصيل التفاوض الأمني - التقني وفق السقف الذي حدّده الرؤساء للمفاوض سيمون كرم، وقالت مصادر رسمية لـ «اللواء»: "ان البحث الجديّ سيبدأ في اجتماع 19 الشهر الحالي، وسيتم طرح المواضيع التي تهمّ الجانب اللبناني، تعويلاً على دفع ودعم أميركي وفرنسي لمسار التهدئة والتوصل الى وقف نهائي لإطلاق النار بما يُمهّد لتسهيل التفاوض على النقاط الأخرى".
وعليه ينتظر لبنان ما ستسفر عنه زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت ولقاءاته اليوم مع المسؤولين الرسميين، سواء بالنسبة لتفعيل عمل لجنة الميكانيزم كما سبق ووعدت موفدة الرئيس الفرنسي لا جاندر التي زارت بيروت، أو بالنسبة للوعود بتسريع انعقاد مؤتمري دعم الجيش اللبناني ودعم الاقتصاد والتعافي في لبنان. كما يُرتقب متابعة ما سيقوم به وفد سفراء دول مجلس الأمن الدولي الذين زاروا لبنان، على صعيد دعم موقف لبنان في إنهاء العدوان وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي، بعد ما عاينوا على الأرض بالعين المجردة خروقات الاحتلال وحجم الدمار في القرى الحدودية، وما حققه الجيش اللبناني من خطوات كبيرة في تنفيذ المطلوب من لبنان لإنهاء المظاهر العسكري بالكامل في منطقة جنوبي نهر الليطاني.
أما الكلام عن الدعم الأميركي فلا زال كلاماً في الهواء بحاجة الى مصداقية والى ترجمة ميدانية، عبر خطوات عملية من الرئاسة الأميركية للجنة الإشراف الخماسية، وفيها عضوين سياسي يتمثل بمورغان أورتاغوس وعسكري يتمثل بالجنرال كلير فيلد. وما لم يقم الجانب الأميركي بما عليه ليثبت انه وسيط نزيه وحيادي عبر الضغط الفعلي على إسرائيل، فإن تعيين لبنان لمندوب رسمي سياسي دبلوماسي يكون قد ذهب هباءً وتنازلاً مجانياً كما قيل، ولم يحقق أي خطوة عملية لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بمندرجات اتفاق وقف الأعمال العدائية