مراحل تسليم السلاح الفلسطيني تتواصل: عين الحلوة مجددا
في خطوة جديدة، سلّمت حركة فتح – قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، الجيش اللبناني دفعة جديدة من السلاح الثقيل والمتوسط من مخيم عين الحلوة، هي عبارة عن أربع شاحنات تضمنت هذه المرة منصة راجمة كورية مع صواريخها، ورشاشات 500 ودوشكا و"هاونات" وقذائف بـ10 وبـ7 وذخيرة وألغامًا.
عملية التسليم تُعتبر الثانية من مخيم عين الحلوة، بعد الأولى في 13 أيلول 2025، وتأتي ضمن المرحلة الخامسة من عملية تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان ترجمةً للاتفاق الذي جرى بين الرئيسين اللبناني جوزاف عون والفلسطيني محمود عباس بعد زيارته الشهيرة في 21 أيار 2025.
وأبلغت مصادر فلسطينية "نداء الوطن" أن عملية التسليم جرت في أجواء هادئة ووسط تفاهم لبناني – فلسطيني، وتضمنت في جانب منه السلاح الذي كان بحوزة القيادي الفتحاوي اللواء منير المقدح (قائد كتائب شهداء الأقصى في لبنان)، الذي لم يُسلّمه في الدفعة الأولى بسبب الوضع الأمني للواء المقدح، حيث كان متواريًا عن الأنظار بسبب التهديدات الإسرائيلية له.
ونفت مصادر "فتحاوية" لـ"نداء الوطن" أن يكون لتوقيت التسليم أي أبعاد سياسية، وخاصة ما يتعلق بقرب انتهاء المرحلة الأولى من تنفيذ القرار 1701 جنوب نهر الليطاني نهاية العام اي بعد ايام، أو الانتقال إلى المرحلة الثانية حتى نهر الأولي، مشيرة إلى أن القرار الفتحاوي واضح؛ إذ إنه إذا وُجد سلاح ثقيل أو متوسط في أي مخيم، فسوف يتم تسليمه، وهي تقوم بمراجعة شاملة لذلك.
وأكدت المصادر، أن تسليم هذا السلاح مجددًا لا يترجم فقط تطبيق الاتفاق بين الرئيسين عون وعباس، بل يؤكد على قرار فلسطيني حاسم باحترام سيادة لبنان واحترام حقه في حصر السلاح ضمن خطة الدولة
اللبنانية لبسط سلطتها على كامل أراضيها، بما فيها المخيمات، وبدء صفحة جديدة من التعاون والتنسيق تفتح باب الحوار الرسمي لإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية.
وربطًا، كشفت مصادر فلسطينية أن ملف المطلوبين في مخيم عين الحلوة وُضع على نار حامية، بعدما أطلق الممثل الخاص للرئيس أبو مازن نجله ياسر عباس مبادرة لتسوية أوضاعهم في المخيمات، وخاصة عين الحلوة، حيث دعت "اللجان الشعبية الفلسطينية" المطلوبين الراغبين إلى تسجيل أسمائهم من أجل دراسة ملفاتهم لدى محامين وتقديم المشورة تمهيدًا لمعالجتها قانونيًا، ما يُرخي بظلال من الارتياح.
تفاصيل التسليم
ورصدت "نداء الوطن" أن عملية تسليم السلاح من عين الحلوة بنسختها الثانية جاءت مطابقة من حيث الشكل والمكان للنسخة الأولى التي جرت في 13 أيلول 2025، حيث تكرر المشهد، فمهدت فتح لهذه العملية قبل أيام بجمع السلاح الثقيل والمتوسط في أحد مستودعاتها في منطقة جبل الحليب داخل المخيم، ومنه نُقل في أربع شاحنات مموّهة عبر طريق فرعي كان مقفلًا بسواتر ترابية جرى إعادة فتحه وصولًا إلى موقع الجيش اللبناني المحاذي في منطقة سيروب، وذلك تفاديًا للمرور بشوارع المخيم.
وواجهت عملية النقل عقبة لوجستية تمثلت بالوحل والحفر جراء السيول التي سببتها الأمطار منذ أيام، فاستقدم الجيش اللبناني عدة شاحنات مليئة بالتراب والحصى وقام بردمها في الطريق الفرعي لتسهيل حركة مرور شاحناته العسكرية، وسط انتشار كثيف عند مدخل منطقة سيروب وعلى طول الطريق المؤدية إلى موقعه المحاذي للمخيم، وذلك بحضور ضباط من الجيش اللبناني ومسؤولين في "فتح".
وفي أعقاب إنجاز عملية التسليم، أكد مدير دائرة العلاقات العامة والإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، المقدم عبد الهادي الأسدي، لـ"نداء الوطن"، أن ما جرى يندرج في إطار استكمال مراحل تسليم السلاح الفلسطيني الثقيل في لبنان، موضحًا أن العملية مرّت بأربع مراحل سابقة، ويجري تنفيذ المرحلة الخامسة، وذلك استنادًا إلى اللقاء الرئاسي الذي جمع الرئيسين عباس وعون.
وأوضح عبد الهادي الأسدي أنه جرى تسليم أربع شاحنات من السلاح، مشيرًا إلى أن هذه الدفعة تُعد الثانية من المخيم، والخامسة على مستوى المخيمات الفلسطينية في لبنان عمومًا. وأكد أن تسليم السلاح جاء بقرار من الرئيس محمود عباس، الذي التزم أمام رئيس الجمهورية اللبنانية بتسليم السلاح الموجود لدى منظمة التحرير الفلسطينية، وقد جرى تنفيذ الدفعة الخامسة من هذا الالتزام وفق هذا القرار.
وأشار الأسدي إلى أن القرار المعني يخص منظمة التحرير الفلسطينية، وأن أي سلاح ثقيل موجود داخل أي مخيم سيتم تسليمه. وأوضح أن الدفعة التي جرى تسليمها ضمن المرحلة الخامسة تضمنت أسلحة ثقيلة أجمعت القيادات العسكرية اللبنانية والفلسطينية على تصنيفها كذلك، وتشمل قذائف ورشاشات وهاونات، إضافة إلى عبوات وألغام، وهي الأنواع التي تم تسليمها في هذه المرحلة.
ومع الدفعة التي سُلّمت اليوم، تكون حركة "فتح" – قوات الأمن الوطني قد أنجزت خمس مراحل من تسليم سلاحها في المخيمات بعد أربع مراحل سابقة: الأولى في برج البراجنة بتاريخ 21 آب 2025، الثانية في مخيمات جنوب الليطاني: الرشيدية، البص، والبرج الشمالي بتاريخ 28 آب 2025، الثالثة في مخيمات بيروت: برج البراجنة، شاتيلا، ومار إلياس بتاريخ 29 آب 2025، والرابعة في مخيمي عين الحلوة في صيدا والبداوي في الشمال بتاريخ 13 أيلول 2025.