إختر من الأقسام
آخر الأخبار
النائب أسامة سعد: السياسة الحاكمة أدت لانهيار وتردي الأوضاع العامة.. والحل حكومة انتقالية تحظى برضى الانتفاضة وتكون لها صلاحيات تشريعية استثنائية
النائب أسامة سعد: السياسة الحاكمة أدت لانهيار وتردي الأوضاع العامة.. والحل حكومة انتقالية تحظى برضى الانتفاضة وتكون لها صلاحيات تشريعية استثنائية
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ تموز ٢٠٢٤

يمر لبنان منذ بداية المظاهرات الاحتجاجية التى انطلقت فى أكتوبر الماضى، والتى توقفت بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، بمراحل صعبة نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخاصة عقب انخفاض سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكى، الأزمة التي أدت لاستقالة العديد من القادة اللبنانيين منهم مدير عام وزراة المالية، ومستشار آخر بالوزارة، بالتزامن مع مظاهرات احتجاجية وصفها العديد من المراقبين والمحللين بأنها بداية لـ"ثورة جياع".

وللتعرف عن قرب عن الوضع فى الداخل اللبنانى والأسباب الحقيقية وراء الاستقالات واندلاع المظاهرات مرة أخرى، كان لـ"الدستور" لقاء مع النائب اللبناني وأمين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد.

ما الأسباب الحقيقية وراء استقالة المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني؟

تأتي استقالة مدير عام وزارة المالية، وهو مساهم أساسي في إعداد الخطة المالية للحكومة وعضو بارز في لجنة التفاوض الحكومية مع صندوق النقد الدولي، بعد استقالة المستشار في وزارة المال هنري شاوول، وهو أيضًا أحد أعضاء الفريق الحكومي المفاوض مع الصندوق.

هاتان الاستقالتان، إضافة إلى تعثر عملية التفاوض مع الصندوق، هي من تداعيات تسارع الانهيارات الكبرى المالية والاقتصادية والاجتماعية مع عجز السلطة عن المعالجة، وهي أيضا من مظاهر الأزمة السياسية العميقة للسلطة عموما، وللخلافات بين أطرافها أيضا، ولابد من التذكير بداية بأن الانهيارات الكبرى المشار إليها إنما تعبر عن فشل نظام المحاصصة الطائفية الذي جرى تكريسه منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، كما تعبر عن فشل النهج الاقتصادي والمالي والاجتماعي لهذا النظام.

وكان تشكيل حكومة حسان دياب الحالية من قبل فريق من قوى السلطة محاولة لتجديد النظام تحت قناع الوزراء الاختصاصيين، وبهدف الالتفاف على مطالب انتفاضة 17 أكتوبر بالتغيير على مختلف الصعد.
وقد واصلت حكومة دياب اتباع السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية ذاتها التي اتبعتها الحكومات السابقة، وآخرها حكومة سعد الحريري التي أجبرتها الانتفاضة على الاستقالة.

هكذا وضعت حكومة دياب خطة مالية تستجيب مسبقا للشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي، وذهبت إلى التفاوض مع الصندوق كخيار اعتبرته الخيار الوحيد الذي لا بديل عنه، وذلك على الرغم من تحذير قوى الانتفاضة والعديد من خبراء الاقتصاد والمال اللبنانيين من النتائج الكارثية المتوقعة لهذا الخيار على أوضاع لبنان في مختلف المجالات.
ومن المهم لفت النظر إلى أن سياسات المنظومة الحاكمة، منذ ثلاثة عقود وصولًا إلى اليوم، قد أدت إلى انهيار قطاعات الإنتاج، والبطالة، وهجرة الشباب، وتردي أوضاع الخدمات العامة، ومن بينها الكهرباء، فضلًا عن دين عام لامس مئة مليار دولار، وخسائر مالية ناهزت هذا الرقم أيضًا، وبالإضافة إلى الانهيار في سعر صرف العملة الوطنية، إلخ.

سعد: حاكم مصرف لبنان المركزي وجمعية أصحاب المصارف يتحملون المسؤولية كاملة عن الانهيارات الحالية المنظومة الحاكمة، ومن ضمنها حاكم مصرف لبنان المركزي، وجمعية أصحاب المصارف، يتحملون المسؤولية كاملة عن الانهيارات الكبرى الحاصلة لكونها ناتجة عن السياسات التي اتبعوها منذ ثلاثة عقود، ولا يزالون يتبعونها حتى اليوم، كما هي ناتجة عن عجزهم وفشلهم وفسادهم.
غير أن منظومة السلطة بمختلف أجنحتها تريد أن تفرض على اللبنانيين مشروعًا يأخذ منهم قدرتهم الشرائية، وقيمة ودائعهم في المصارف، والأملاك العامة التي ملك لهم.

كما أن مشروع منظومة السلطة يدفع نحو المزيد من تدهور الأوضاع المعيشية والفقر، وارتفاع معدلات البطالة، وازدياد الانكماش الاقتصادي تحت عنوان التقشف وهو ما يؤدي إلى تحميل فئات الدخل المحدود والمتوسط نتيجة الانهيار والإفلاس.
خطة الحكومة من جهة أولى، وخطة مصرف لبنان ومعه جمعية أصحاب المصارف من جهة ثانية، متفقتان كلاهما على تحميل أصحاب الدخل المحدود والمتوسط العبء الأكبر من نتائج الانهيار، غير أن الخطتين تختلفان في بعض التفاصيل، حيث أن خطة الحكومة تحمّل مصرف لبنان وجمعية المصارف جانبًا من هذه النتائج، في حين أن الأخيرين يريدان إعفاء نفسيهما من دفع أي خسائر.

وتابع سعد "قد استفاد أصحاب المصارف من النفوذ الواسع الذي يتمتعون به في أوساط الحكم ومجلس النواب من أجل فرض تعديل خطة الحكومة لمصلحتهم وهنا يكمن السبب المباشر الذي دفع مدير عام وزارة المال، وقبله المستشار المالي هنري شاوول، إلى الاستقالة".

وحول دور قوى الانتفاضة اللبنانية فى تلك الفترة، قال سعد: "تناضل قوى الانتفاضة والتغيير من أجل حماية مستوى معيشة اللبنانيين، وعدم تحميلهم الانهيار التي ينبغي أن يتحملها من تسبب بهذا الانهيار، وعلى رأس هؤلاء المنظومة الحاكمة وأتباعها من المتعهدين والمقاولين الفاسدين الذين راكموا الثروات من خلال سرقة أموال الدولة وأملاكها، إضافة إلى أصحاب المصارف الذين حصلوا من دون وجه حق على أموال طائلة من خلال الفوائد المرتفعة والهندسات المالية على حساب مالية الدولة، وترى قوى الانتفاضة والتغيير أنه من غير الممكن إجراء أي تغيير في السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ولا استعادة أموال الدولة وأملاكها المنهوبة، من دون تغيير سياسي والخطوة الأولى في الاتجاه المشار إليه تكون بتشكيل حكومة انتقالية تحظى برضى الانتفاضة، وتكون لها صلاحيات تشريعية استثنائية".

واستطرد: "تتولى الحكومة الانتقالية مهمة الانقاذ المالي والاقتصادي وتوزيع الخسائر بشكل عادل، كما تتولى مهمة وضع البلد على سكة الانتقال نحو دولة مدنية حديثة عادلة، واقتصاد انتاجي معافى".

ما تعليقك على الحكم الذي أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح، الخاص بالسفيرة الأمريكية، وحول استقالة مازح؟

مما لا شك فيه أن تصريح السفيرة الأمريكية في لبنان "دوروثي شيا" يمثل تدخلا سافرا في شؤون لبنانية داخلية وهو ما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية والأعراف الدبلوماسية، غير أنه من الضروري التذكير بأن التصريح المشار إليه ليس الأول من نوعه من قبل سفير أمريكي أو مسؤول أمريكي، أو من قبل سفراء ومسؤولين آخرين يمثلون دولًا عظمى أو دولًا إقليمية.

كما أن التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية اللبنانية لا تقتصر على التصريحات، بل هي تشمل ما هو أدهى بكثير من تدخلات سياسية وعملية ميدانية متعددة الأوجه.
ولا يخفى أن أطراف السلطة الطائفية في لبنان قد اعتادت على استدراج التدخلات الخارجية بمختلف أشكالها، من أجل تعزيز مكانتها وموقعها في إطار الصراعات الفوقية على تقاسم السلطة في ما بينها، وكل ذلك يجعل من لبنان ساحة مستباحة للتدخلات الخارجية، ويجعل من ادعاءات أطراف السلطة حول حماية السيادة الوطنية مجرد كلام يقصد به التمويه على واقع الاستباحة.

بالعودة إلى التصريح الأخير للسفيرة الأمريكية، كان ينبغي على وزارة الخارجية اللبنانية، بالحد الأدنى، استدعاء السفيرة وإبلاغها باحتجاج الحكومة على مضمون التصريح، غير أن الاستدعاء المتأخر للسفيرة من قبل وزير الخارجية ناصيف حتى، لم يتضمن إبلاغها عن أي احتجاج، بل كان هدفه إبلاغها عن تنصل الحكومة من الحكم الذي أصدره القاضي محمد مازح، كما أن الوزير السابق سليم جريصاتي كان قد بادر أيضا، باسم رئيس الجمهورية، إلى إبلاغ السفيرة بتنصل الرئاسة من حكم القاضي.

لذلك لم يكن للحكم الذي أصدره القاضي محمد مازح نتائج فعلية جدية على المستوى الرسمي على الرغم من الضجة الإعلامية التي رافقته.

وقد جاء تحويل القاضي المذكور إلى التفتيش القضائي من قبل وزيرة العدل ليؤكد ما سبق قوله، وهو ما دفعه إلى تقديم استقالته.

- النظام الطائفي في لبنان تأسس على التفريط بالسيادة الوطنية
خلاصة القول أن النظام الطائفي في لبنان بمختلف أطرافه ومن القمة إلى القاعدة قد تأسس على التبعية للخارج، وأدمن على التفريط بالسيادة الوطنية، ولعل استقالة قاض من هنا، ومدير عام من هناك، تشير إلى وصول مسيرة التفكك إلى بعض قواعد هذا النظام.

غير أن مثل هذه الاستقالات تبقى عاجزة عن إحداث التغيير، لذك تطرح قوى المعارضة والانتفاضة التغيير الشامل في مختلف المجالات، بدءا بالتغيير السياسي السلمي واسقاط منظومة سلطة التبعية والفشل والفساد، وهو ما يقتضي تطوير الانتفاضة الشعبية من أجل بناء ميزان قوى سياسي جديد يسمح بتمهيد السبيل أمام بناء الدولة الوطنية المدنية الحديثة العادلة.


عودة الى الصفحة الرئيسية