إختر من الأقسام
آخر الأخبار
سوق الاعضاء تزدهر في العراق..كلية بـ12 ألف دولار قابلة للتفاوض!
سوق الاعضاء تزدهر في العراق..كلية بـ12 ألف دولار قابلة للتفاوض!
المصدر : محمد جهادي | النهار
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ أيلول ٢٠٢٤

يعد ملف الإتجار بالبشر في العراق، من أكثر الملفات تعقيداً وإشكالية. منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لم تستطع كل الحكومات المتعاقبة وضع حلول ملائمة تتناسب مع حجم "الجرائم"، التي تُرتكب يومياً، على رغم تشريع البرلمان العراقي قانون مكافحة الإتجار بالبشر الذي صوّت عليه عام 2012.

تحوّل العراق سوقاً رائدة لمختلف أنواع جرائم الإتجار بالبشر، بدءاً من تجارة الأعضاء، الى الإتجار بالجنس للأطفال والنساء، وصولاً الى استغلال العمالة الأجنبية والتسول، ووجدت كل تلك الجرائم "بيئة خصبة" في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي عاشها العراق، فضلاً عن غياب القانون.

وعام 2017، فتحت الحكومة العراقية أولى دور إيواء وتأهيل ضحايا الإتجار بالبشر، بعد تخصيص بناية مستقلة في مجمع الصليخ السكني شمال بغداد، تنفيذاً لنص المادة 11/ ثانياً من قانون مكافحة الإتجار بالبشر الرقم 28 لسنة 2012، الذي ينص على فتح مراكز لإيواء الضحايا ورعايتهم في بغداد والمحافظات.

وتبدو جميع مراكز إيواء الضحايا في بغداد خالية فضلاً عن تعرضها للإهمال ونقص في الخدمات اللازمة، كما تعرضت تلك المراكز لانتقادات كبيرة من منظمات معنية بحقوق الإنسان.

"في كل شارع جربمة"

ويرى مسؤول في "المرصد العراقي لضحايا الإتجار بالبشر" وهو منظمة غير حكومية، تتخذ بغداد مقراً لها، أن "العراق مرتع لعصابات الإتجار بالبشر، وتحول أخيراً الى منطقة عبور أمنية لدول الجوار، ويكاد لا يخلو شارع في بغداد من إحدى جرائم الإتجار بالبشر التي تحدث يومياً".

ويقول المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه لأسباب أمنية، في حديثه لـ"النهار العربي"، إن "جهات نافذة في الدولة ومسؤولين أمنيين متورطون في تعاملات مع عصابات الإتجار بالبشر، حتى أن عدداً من عمليات استئصال الأعضاء البشرية حدثت في مستشفيات مملوكة لساسة وضباط".

وبحسب المعلومات المتوافرة لدى المرصد، فإنه رصد ووثق عام 2020 نحو 28 جريمة في بغداد، تنوعت ما بين تجنيد الأطفال في التسول وسوق الجنس، وبيع الأعضاء واستغلال للعمالة الأجنبية.

ورصد "النهار العربي"، أكثر من 31 صفحة ومجموعة على "الفيسبوك" لبيع الأعضاء البشرية وشرائها، حيث تحولت هذه الصفحات الى ما يشبه السوق، بين سماسرة وتجار في بغداد وإقليم كردستان يديرون هذه الصفحات، عبر استدراج الضحايا واستغلال عوزهم لبيع الأعضاء.

ويتراوح سعر بيع الكلية في تلك المجموعة من 12 إلى 20 ألف دولار أميركي، يزيد أو يقل بحسب التفاوض، كما يوفر السماسرة كل متطلبات إجراء عمليات الاستئصال بدءاً من أجور النقل إلى توفير السكن للقادمين من المحافظات، كما يعدون الزبائن بالسرية التامة.

ويقول م. س. أحد ضحايا من سكان محافظة ذي قار لـ"النهار العربي" عن كيفية وقوعه في الفخ: "كنت مستلقياً على السرير وبجانبي والدتي وهي مريضة وفي حاجة الى عملية خطيرة، قررت وقتذاك التفكير في بيع إحدى كليتي لسداد نفقات العملية، وأثناء عملية البحث في مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت مجاميع منتشرة على الفيسبوك مهتمة بهذه التجارة. حصل حديث مع أحدهم، واتفقنا على السعر، وطلب مني أن أذهب الى محافظة السليمانية، وعندما وصلت فوجئت بالمكان وطريقة الاستحضار، حيث الغرف مظلمة، وبعد مناقشة قصيرة مع الطبيب، استلقيت على سرير العملية، فإذا بي ألاحظ بعد وقت استغرق قرابة أربع ساعات، استئصال إحدى الخصيتين".

وسأل مراسل "النهار العربي" أعضاء في مفوضية حقوق الإنسان في العراق عن هذا الملف، فرفضوا التعليق. إلا أن عضواً رفض الكشف عن اسمه، قال إن "ضعف الجهد الحكومي الحالي أدى إلى استفحال ظاهرة الإتجار ببيع الأعضاء البشرية".

وعام 2017، كشفت الحكومة العراقية عن إجراء تحقيقات في 266 حالة إتجار بالبشر، وحددت وزارة الداخلية 40 حالة، منها قضايا تتعلق بالسخرة و68 أخرى يشتبه في أنها حالات إتجار بالجنس.

ووفقاً لإحصائية أوردها مجلس القضاء العراقي في 2017، فقد جاءت العاصمة بغداد في المرتبة الأولى في جرائم الإتجار بالبشر لأغراض الجنس.

وفي العام نفسه، أكد تقرير لوزارة الخارجية الأميركية أن الحكومة العراقية لا تلتزم بجميع معايير القضاء على الإتجار بالبشر. وجاء في التقرير أن الحكومة لم توفر خدمات لحماية الأطفال الذين جنّدتهم جماعات مسلحة، بما فيها "داعش"، ما جعل هؤلاء عرضة للانتهاك والاعتقال من قبل قوات الأمن. ودعا التقرير بغداد إلى مواصلة جهودها لوضع حد لتجنيد الأطفال وتوفير خدمات لمساعدة الضحايا منهم.

ويحتضن العراق أصنافاً جديدة من جرائم الإتجار بالبشر، كما في حال "النهوة" في جنوب العراق، وهي عرف عشائري يسمح لرجال عشيرة ما برفض زواج أي فتاة تنتمي إليها، وكذلك ما يعرف بـ"المرأة "الفصلية" أو ضحية زواج الدم، الذي ينص على تزويج إحدى بنات العشيرة المعتدية إلى الشخص المعتدى عليه أو أحد أقاربه بعنوان "الثأر" في معظم الأحيان.

ويقول "المرصد العراقي لضحايا الإتجار بالبشر"، إنه وثق منذ تأسسيه في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، نحو 64 جريمة إتجار، تنوعت ما بين توظيف النساء في سوق الجنس وتجارة الأعضاء البشرية واستغلال الأطفال في التسول وانتهاكات تتعلق بالعمالة الأجنبية.

ويؤكد المرصد في سلسلة تقارير، أن نحو 50% من هذه الجرائم وقعت في بغداد، وغالبية الضحايا من الأطفال والنساء، ومنفذوها عصابات وشبكات مرتبطة في ما بينها.


عودة الى الصفحة الرئيسية