إختر من الأقسام
آخر الأخبار
سلوك المستهلك في الأزمة: تخزين وهلع
سلوك المستهلك في الأزمة: تخزين وهلع
المصدر : ايفا ابي حيدر -الجمهورية
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ آب ٢٠٢٤

منذ مطلع العام واللبناني يتسابق مع سعر الدولار لشراء ما أمكن من سلع قبل ان يرتفع ثمنها. وبعدما أمضى غالبية وقته في شهري آذار ونيسان يتنقّل من سوبرماركت الى أخرى يقارن فيها أسعار المنتجات ويشتري الأرخص ويخزّن تحسّباً لارتفاع الأسعار، يبدو انه اليوم في فترة استراحة بعدما سبقته الأسعار بأشواط. فماذا خَزّن منذ بدء تغيّر الأسعار؟ وماذا اشترى غير المواد الاستهلاكية؟

مع بدء موجة ارتفاع الأسعار الناتجة عن تدهور سعر الصرف مقابل الليرة، حاول اللبناني أن يستلحق الوضع، من خلال شراء السلع وفق التسعيرة القديمة قبل ان تقفز الأسعار الى مستويات قياسية. البعض حصر مشترياته بالمواد الغذائية، والبعض الآخر اتجه نحو تخزين السلع المعمّرة غير المقيدة بمدة صلاحية، كلّ وفق قدرته الشرائية.

اليوم، وبعدما هدأت الهجمة على التبضّع، يقول نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد لـ«الجمهورية» انّ المستهلك عمد خلال الأشهر الماضية الى تخزين ما أمكَن تحسّباً لارتفاع الأسعار، وكان يزيد الاقبال على السوبرماركت كل مطلع شهر عندما يقبض الموظفون رواتبهم، ولاحظنا انّ كمية الشراء مطلع حزيران وتموز كانت كبيرة بما يؤكد التوجّه نحو التخزين، إذ تزامَن مطلع كل شهر مع ارتفاع في سعر الدولار في السوق الموازي، ليقارب الـ 10 آلاف ليرة ما دفعَ بالمستهلكين للشراء أكثر من حاجتهم استباقاً لأيّ ارتفاع اضافي في الأسعار.

حالياً، ورغم اننا في نهاية الشهر حيث تزيد الحركة عادة في السوبرماركت في الفترة الممتدة من 28 الى الأول من كل شهر، لم ينعكس ذلك بعد حركة ناشطة في السوق كما جرت العادة، مؤكداً انّ الحركة أصبحت أقل بكثير من المتوقع في مثل هذه الفترة من الشهر.

وعَزا فهد الأمر الى 3 أسباب: تراجع القدرة الشرائية، التخزين، إذ سبق للمستهلك ان خَزّن في منزله مواد غذائية وسلعاً استهلاكية، والى انتظار شريحة من الناس بدء العمل بالسلة الغذائية المدعومة لتستأنف التبضّع، حيث من المتوقّع ان تشمل اصنافاً جديدة.

نوعية التخزين

عن السلع التي اتجه نحوها المستهلك في الفترة الماضية بهدف التخزين، قال فهد: بالاجمال زاد الطلب على السلع التي لا تاريخ صلاحية لها مثل المحارم، المحارم الورقية، الليف، الاسفنج... او تلك التي لديها تاريخ صلاحية طويل الأمد. ولفت الى انّ المواطن لم يكن قادراً على التخزين بكميات كبيرة، لأنّ قدرته الشرائية تراجعت ولأنه حاول أيضاً التخزين في غير السلع الاستهلاكية.

من جهة أخرى، أكد فهد انّ البديل موجود عن كل منتج لم يعد متوفراً في السوق، إنما المشكلة في البديل انه قد لا يكون ما يرغب به الزبون، وقد لاحظنا ذلك خصوصاً في منتجات العناية الشخصية مثل الكريمات، الشامبو، معجون الاسنان، الصابون...

وكشف انه حيال تراجع الاقبال على الشراء، تعمد غالبية السوبرماركات الى إقامة عروضات لِحث المستهلك على الشراء، وهي تركّز على السلع التي اقترب تاريخ صلاحيتها من الانتهاء او تلك التي تراجع حجم مبيعها بسبب ارتفاع سعرها، فيضطرّ الوكيل الى خفض سعرها مجدداً والبيع بخسارة لتوفير السيولة عبر تصريف البضاعة.

رمال

إنّ تفاوت القدرة الشرائية بين مواطن وآخر، انعكس اختلافاً في صنف ما يخزّنه، فوفق عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدنان رمّال فإنّ اللبناني الذي يتمتّع بقدرة شرائية مقبولة ولديه وديعة عالقة في المصارف لجأ الى تخزين كل شيء، لا سيما الأشياء المعمّرة، وإن لم يكن يحتاجها في الأمد القريب. على سبيل المثال، كان هناك إقبال على شراء العقارات، والسيارات الجديدة، والإلكترونيات، وفرش المنازل... امّا التخزين من السوبرماركت فلا يمكن التمادي به كثيراً لأنّ لغالبية المواد الغذائية تاريخ صلاحية يتراوح بين 6 اشهر وسنة. وقد لاحظنا انه في فترة من الفترات، عمد بعض السوبرماركات الى تحديد كمية الشراء للزبون.

وأكد رمال لـ«الجمهورية» انّ من سعى الى التخزين هم في غالبيتهم مِمّن لا يملكون القدرة المالية للتخزين لمدة سنتين، لأنهم من ذوي الدخل المحدود او متوسطي الدخل، وبالتالي خزّنوا لأشهر فقط.

ولفت الى انّ السلع الاستهلاكية التي ارتفع الطلب عليها في الفترة الأخيرة هي خصوصاً تلك التي تعود الى الأطفال خوفاً من انقطاعها، مثل الحليب والحفاضات، وكذلك تمّ التركيز على كل ما هو مستورد إذ يخشى اللبناني فقدانه او تَحسّباً من ارتفاع سعره مثل النسكافيه وcoffee mate وبعض أنواع الكحول...

وأكد رمال انّ الهجمة على التخزين انتهت منذ نحو الشهرين، والحركة في الأسواق اليوم لا تتجاوز الـ 10%. وعَزا هذا التراجع الى تدنّي القدرة الشرائية بالدرجة الاولى وليس الى التخزين، لافتاً الى انّ المواطن اللبناني القادر على الشراء، وهو فعليّاً من يملك الدولار، لم يخزّن لأنه لن يتأثر بارتفاع الاسعار بل على العكس بالنسبة إليه، الأسعار تراجعت.

الأسعار

صحيح انّ ثمن البضاعة عندما كانت التسعيرة المتّبعة هي 1500 ليرة للدولار تبدو أرخص صوريّاً بالنسبة الى المستهلك، إنما في الحقيقة واذا احتسَبنا ثمن السلعة وفق تسعيرة السوق السوداء يتبيّن انّ الأسعار تراجعت نحو 50%.

على سبيل المثال، عندما كان سعر سطل اللبن في السابق 5 كلغ 10 آلاف ليرة كانت تساوي 7 دولارات وفق تسعيرة الدولار على معدّل 1500 ليرة، أما اليوم فقد ارتفع سعر سطل اللبن الى 20 ألفاً ووفق تسعيرة 8000 ليرة للدولار، فهذا يعني انّ سعر اللبن تراجع الى نحو 2.5 دولار.

كذلك الامر بالنسبة الى كيلو لحم الغنم الذي وصل الى 80 ألف ليرة حاليّاً بما يعني فعلياً انّ ثمنه 10 دولارات وفق سعر دولار السوق السوداء (8000 ليرة)، بينما في السابق كان سعر الكيلو 30 ألفاً، ووفق تسعيرة الدولار (1500 ليرة) كان ثمنه 20 دولاراً.

وفي السياق، يقول رمال: انّ الاختلاف في مقاربة ارتفاع الأسعار يرتبط خصوصاً بعملة مدخول اللبناني، فمن كان مدخوله بالليرة اللبنانية زادت الأسعار عليه ما بين 4 الى 5 مرات وقدرته الشرائية تدنّت، أمّا بالنسبة لأصحاب المداخيل بالدولار فقد تحسّنت قدرتهم الشرائية والاسعار تراجعت وفق قيمتها بالدولار بحدود 50%.

كذلك بالنسبة لأصحاب المداخيل بالدولار فقد تراجعت عليهم كلفة الرسوم والضريبة على القيمة المضافة، فبعدما كانت 11% أضحَت بنحو 2.8% إذا احتسبنا سعر الدولارعلى 8000 ليرة.


عودة الى الصفحة الرئيسية