إختر من الأقسام
آخر الأخبار
الأبواب الداخلية باتت مقفلة.. الأنظار تتجه إلى تدخل مباشر من الإليزيه
الأبواب الداخلية باتت مقفلة.. الأنظار تتجه إلى تدخل مباشر من الإليزيه
المصدر : حسين زلغوط - اللواء
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ أيلول ٢٠٢٤

لأول مرّة في تاريخ لبنان ما بعد الطائف يكون لتأليف الحكومة نكهة خاصة، فهي من جانب يأتي الحراك حول تشكيلها في ظروف سياسية واقتصادية ومالية معقدة، وفي جانب آخر يحاط هذا الحراك بأبراج مراقبة دولية لرصد ما تمّ التفاهم حوله في خلال اللقاءات التي أجراها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته الثانية لبيروت في قصر الصنوبر مع القوى السياسية الفاعلة حول المستقبل السياسي لبلد يقف على شفير الهاوية.
بالأمس انتهت مهلة الـ15 يوماً الفرنسية لتأليف حكومة مصطفى أديب الذي يحظى برعاية مباشرة من قصر الاليزيه من دون بروز أي معطى جدي يوحي بأن مهمة هذا الرجل مزروعة بالورد والياسمين، وأن اكتمال عقد التوليفة الحكومية التي يرغب في وضعها في جيبه والصعود بها إلى بعبدا سيكون في غضون الساعات المقبلة، اللهم الا إذا طرأ تطوّر ما أدى إلى إذابة الجليد السياسي الذي ارتفع في وجهه نتيجة الطريقة التي تعامل بها مع القوى السياسية في رحلة البحث عن الأسماء التي يريد ان يسقطها على حقائب حكومته.
لم تحمل الساعات القليلة الماضية أي مؤشرات تعكس تراجعاً لبعض الأفرقاء عن تصلبهم في مواقفهم حيال التأليف لا سيما «الثنائي الشيعي» الذي أبدى مع بداية مشوار الرئيس المكلف مرونة واضحة لجهة تسهيل مهمته، غير ان هذه المرونة تحوّلت الى نوع من التصلب والحدية بعد ان شعر هذا «الثنائي» تجاهلاً واضحاً من قبل الرئيس المكلف في التعاطي معه خصوصاً لجهة الحصص وتوزيع الحقائب، وقد أبلغ الثنائي الشيعي صراحة من يعنيهم الأمر تمسكه القوي بحقيبة وزارة المالية التي تكرست بعد الطائف للفريق الشيعي، وإلا فليبحر المركب الحكومي من دونه مع التأكيد على انه لن يكون موجاً عاتياً امام هذا المركب.
وفي هذا السياق تأخذ أوساط سياسية على الرئيس المكلف محاولته القفز فوق بعض القوى السياسية الفاعلة متسلحاً بالموقف الفرنسي الداعم له، متجاهلاً بذلك القاعدة الأساس في التركيبة السياسية في لبنان والتي تقومم على مبدأ التوافق والتفاهم لدى الولوج في إنجاز أي استحقاق داخلي مهما كان نوعه أو حجمه، وهي تقول ان الرئيس ميشال عون العارف جيداً بأن العامل الداخلي لا يمكن تجاهله في عملية التأليف ابتدع فكرة القيام بمهمة المشاورات التي كان يفترض بالرئيس المكلف القيام بها في أوّل خطوة خطاها باتجاه تأليف حكومته،من باب تسهيل ما تيسر لتأمين ولادة الحكومة التي ينتظرها الداخل والخارج، من دون ان يكون هناك أي ضمانة حول إمكانية ان يكون لعملية التشاور هذه في قصر بعبدا أي جدوى فاعلة في اتجاه إخراج عملية التأليف من المأزق.
وينظر مصدر وزاري سابق بعين الريبة لخطوة رئيس الجمهورية هذه، وهو يعتبرها بأنها غير دستورية، حيث انه ليس من صلاحيته اجراء استشارات جديدة، وهذا النوع من المشاورات يقوم بها الرئيس المكلف وأي جهة أخرى تقوم بهذا الفعل يكون ذلك خارج الدستور وخارج الميثاق.
ويأسف المصدر كيف ان الكتل النيابية ومنها كتلة «المستقبل» وقعت بهذا الفخ ولبوا دعوة المشاورات التي نتائجها معروفة سلفاً، وكأن من قام بها يريد التأكيد على مبدأ المداورة، وهي أولاً وآخراً تشكّل دعماً لرئيس التيار الوطن الحر جبران باسيل لجهة رفض احتكار المواقع أكثر منه دعماً للرئيس مصطفى أديب وتسهيلاً لمهمته.
والسؤال الذي يطرحه المصدر الوزاري المذكور ما هو موقف الرئيس المكلف من خطوة رئيس الجمهورية، فإذا كان معارضاً لها فليقل أنا الرئيس المكلف وأنا من يريد تأليف الحكومة، وإذا كان راضياً على ذلك فيجب على من يتهم رئاسة الجمهورية بمصادرة صلاحيات الرئاسة الثالثة الإقلاع عن ذلك فوراً، لأن ما يجري الآن لم يحصل حتى في مرحلة ما قبل الطائف.
ويكشف المصدر ان الرئيس عون أبلغ الرئيس المكلف صراحة بأنه يريد الاحتفاظ بحقيبتي الخارجية والدفاع وهذا الأمر معمول به قبل وبعد الطائف، حيث ان رئيس الجمهورية يُحدّد سياسة لبنان الخارجية وعلاقاته مع الدول، اما المطالبة بالدفاع فيأتي ذلك من كونه رئيساً لمجلس الدفاع الأعلى.
وفي تقدير المصدر الوزاري السابق ان عملية التأليف هي الآن في مأزق، فمن جانب الفريق الشيعي يربط مسألة وزارة المالية بالميثاقية وهو من الصعب التراجع عن موقفه، ومن جانب آخر فإن فرنسا أبلغت من يعنيهم الأمر بأنه ما لم تؤلف حكومة وفق السيناريو الذي يرضي المجتمع الدولي ويعبر عن تطلعات اللبنانيين فإن رزمة من العقوبات الأوروبية ستكون موجعة بالنسبة للبنان.
ويقول المصدر انه مع كل العقبات الموجودة لا أرى كيف سيكون من الممكن تفويت الفرصة ولا تؤلف حكومة ضمن مهلة معقولة، وفي حال حصل هذا الأمر سيكون هذا نوع من الجنون المدمر، فباريس التي عاكست المواقف الدولية وتحديداً الأوروبية في ما خص التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي في «حزب الله»، وذهبت أبعد من ذلك حيث اعطت شرعية لهذا الحزب من خلال تخصيص الرئيس الفرنسي النائب محمّد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة بلقاء ثنائي، لن تقبل ان تفشل مهمتها في بيروت، وفي المقابل فإن «الثنائي الشيعي» لن يخسر هذه المكتسبات المتأتية من الموقف الفرنسي مقابل حقيبة وزارية، ولذا فإن الأمور مفتوحة على الأخذ والرد وفي النهاية سيكون هناك حل، الا إذا كان هناك من مخطط ما يُغرق لبنان بمزيد من المشاكل والفوضى وصولاً إلى الكارثة.


عودة الى الصفحة الرئيسية