اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

علماء يكتشفون خريطة تفصيلية للدماغ البشري.. "عالم غريب داخل رأسك!"

دماغ
دماغ

علماء يستأصلون قطعة من دماغ مريضة تعاني من الصرع، ثم أعادوا إنشاء الشبكة المعقدة التي تربط الخلايا العصبية ببعضها البعض، ليصلوا إلى النتيجة والخريطة الرقمية الأكثر تفصيلاً لـ"الشبكة العصبية" للدماغ البشري التي تمّ إنشاؤها على الإطلاق.

اكتشف علماء جامعة "هارفارد" الأميركية خريطة عُدت الأكثر تفصيلاً للدماغ البشري على الإطلاق، واصفين الدماغ بأنه "عالم غريب داخل رأسك". فالصورة الدقيقة للدماغ البشري بأكمله على نطاق واسع تساوي تقريباً كمية البيانات التي يتم إنتاجها في العالم بأكمله في عام واحد، وفق ما نشر موقع "Stat News".

وتُعد الدراسة الجديدة للدماغ البشري جزءاً من سلسلة أكبر بكثير من المشاريع المموّلة من مبادرة "BRAIN" (جهد علمي ضخم أطلق عام 2013 للكشف عن رؤى أساسية حول الدماغ البشري).

وبحسب العلماء، منذ حوالى 10 سنوات، وصلت قطعة صغيرة من الدماغ البشري مباشرة من غرفة العمليات في مستشفى قريب إلى مختبر الدكتور جيفري ليشتمان في جامعة "هارفارد"، والتي تمّ استئصالها من مريضة  تعاني من الصرع، كانت تخضع لعملية جراحية لتقليل نوباتها.

وفي السنوات التي تلت ذلك، أعاد فريق ليشتمان بشكل منهجي بناء أنماط الأسلاك البيزنطية للدماغ عن طريق إدخال عينة بحجم 1 ملليمتر مكعب في جهاز خاص ( قيمته 6 ملايين دولار ) قام بتقطيعها إلى شرائح رفيعة للغاية. وبعد ذلك، وباستخدام صور تلك الشظايا المأخوذة بالمجهر الإلكتروني، قاموا بإعادة إنشاء الشبكة المعقدة التي تربط الخلايا العصبية الفردية ببعضها البعض، ليصلوا إلى النتيجة والخريطة الرقمية الأكثر تفصيلاً "الشبكة العصبية" للدماغ البشري التي تمّ إنشاؤها على الإطلاق.

وكشف فريق  ليشتمان في الدراسة عن نتائج جهودهم في مجلة "ساينس" المرموقة، كما نشروا على الإنترنت تصورات للدماغ البشري لم يسبق لها مثيل، بواسطة برنامج يسمح للمشاهدين بالتحرك عبر مشهد فضائي مجهري مدهش، عجيب وساحر مثل الخيال.  

اللافت أنه بعد صبغ عينة الدماغ البشري وتقطيعها وتصويرها في مختبر ليشتمان، طبق مهندسو شركة "غوغل" التعلم الآلي لربط تلك الشرائح معاً، وتطبيق الألوان لجعل الأسلاك مرئية للعين المجردة. وكان نطاق التحدي المتمثل في إعادة إنشاء تلك العينة التي تبلغ مساحتها 1 ملليمتر مكعب من الدماغ البشري في شكل رقمي.

يقول ليشتمان: "إنه عالم غريب داخل رأسك.. الخلايا العصبية نفسها جميلة بشكل مذهل".

ويضيف: "يشبه هذا إلى حد كبير استخدام تلسكوب (هابل) أو تلسكوب (جيمس ويب)، لكنه ليس تلسكوباً، إنه مجهر يسمح لنا بالنظر إلى الداخل. ومن المؤكد أنّ هناك كل أنواع الأشياء التي لم نراها من قبل.. نحن نستكشف الأرض المجهولة".

يتحدث ليشتمان بذهول عن المشهد ويوضح: "في هذا المشهد المعقد توجد أنماط غريبة لم يسبق لنا رؤيتها من قبل، ولا توجد في أي كتاب مدرسي، بما في ذلك الخلايا العصبية الغريبة بشكل خيالي، والتي تشير إلى واحد من اتجاهين فقط، متقابلين تماماً لبعضهما البعض. والمحاور هي كابلات الألياف الضوئية طويلة المدى للدماغ، والتي تنحرف من الخطوط المستقيمة إلى دوامات غريبة تشبه العمائم، ثم تنحل وتعود إلى خطوط مستقيمة". ووفق ليشتمان تظل هذه الحالات الشاذة الغريبة موضوعاً مثيراً للدراسة المستقبلية.

ورغم أنّ الأفكار المستمدة من العينة الصغيرة من الدماغ البشري لم تكشف بعد أسرار التوحّد أو الفصام أو الاكتئاب. ولا يمكن حتى الآن تفسير آليات التعلم البشري والذاكرة والشخصية على المستوى الخلوي، لكنّ هذا الاكتشاف يمثل خطوة أولى مهمة في هذا الاتجاه، ويوفر لمحة محيّرة عن نوع الرؤى التي قد نراها في العقود المقبلة.

وتابع  ليشتمان إنّ أبرز ما في الأمر هو اكتشاف ما يبدو أنه نوع جديد ونادر للغاية من "الاتصال الفائق" الذي يربط الخلايا العصبية الفردية بالألياف العصبية التي تحمل المعلومات والتي تتقاطع مع الدماغ، حيث يحتوي كل اتصال فائق على مزيج من حوالى 50 نتوءاً أو واحد فقط، مفترضاً أنّ هذه الهياكل "قد تساعد في تفسير كيف أنّ العادات المكتسبة"، مثل التوقف عند إشارة حمراء دون تفكير، محفورة في البنية الفيزيائية للدماغ.

وبحشب ليشتنمان ربما تكون 99% من الوصلات بين المحاور وخلايا الدماغ الفردية هي تلك الوصلات الضعيفة للغاية. ولكن تلك الروابط القوية قوية جداً لدرجة أنّ المعلومات يمكن أن تتدفق بكفاءة عالية. وقد تكون هذه طريقة لشرح حقيقة أنه بعد أن تتعلم شيئاً ما، تكون لديك القدرة التلقائية على القيام بذلك.

على مدى السنوات الخمس المقبلة، يهدف ليشتمان ومعاونوه إلى تصوير أول مقطع بحجم 10 ملليمترات مكعبة من دماغ الفأر، حيث يعد المشروع إثباتاً لمفهوم الهدف النهائي دماغ فأر كامل، أكبر بـ 50 مرة.  و"سيكون الدماغ البشري عاملاً آخر أكبر بألف من دماغ الفأر"، معرباً عن دهشته قائلاً: "ليس لدينا القدرة على تخزين تلك المعلومات".

كما يأمل فريق ليشتمان الإجابة على أسئلة جوهرية حول الدماغ البشري: كيف يمكن أن ينطبع تمثيل العالم داخل رؤوسنا؟ ما هي الأسس المادية للمعرفة؟

تم نسخ الرابط