فوائد متعددة وتكلفة أقل... عبّارات بحرية ستنطلق قريبًا من لبنان إلى قبرص!

في تطوّر لافت، يُطرح اليوم ملف إعادة تشغيل مرفأ جونيه مجددًا، ليشمل الأنشطة الاقتصادية، السياحية، والبيئية.
ومن المتوقع أن تشكّل هذه الخطوة انطلاقة فعلية لاستعادة جونيه مكانتها البارزة على خارطة البحر الأبيض المتوسط، كوجهة واعدة للاستثمار والسياحة.
وفي تطوّر آخر، أعلن وزير النقل القبرصي، أليكسيس فافيديس، أن خدمة العبارات بين قبرص ولبنان باتت قريبة من الانطلاق، موضحًا أن مستثمرين قد أبلغوا الحكومة بنيّتهم بدء الرحلات قريبًا، مع التأكيد على دعم الحكومة الكامل للمشروع رغم عدم تحديد موعد رسمي بعد.
إطلاق خط العبارات بين لبنان وقبرص قريبًا
في هذا السياق، كشف المدير العام لسلسلة التوريد في شركة "إنديفكو" ورئيس الأكاديمية البحرية الدولية، بيار عقل، في حديث لـ"لبنان 24"، أن وزارة الأشغال العامة والنقل بدأت خطوات فعلية لإعادة تشغيل مرفأ جونيه، بعد أكثر من 25 عامًا على إقفاله.
وأوضح أن الوزارة تعمل حاليًا على استقدام عبّارة تتّسع لحوالى 200 راكب، لتكون أولى الخطوات العملية لإطلاق خدمة العبارات البحرية في لبنان.
وأعلن عقل أن تجهيز المرفأ يسير بوتيرة متسارعة، حيث يُعمل على سدّ كل الثغرات والنواقص التقنية واللوجستية، تمهيدًا لإطلاق الخدمة في وقت قريب. وتوقّع أن تكتمل التحضيرات خلال شهر إلى شهر ونصف.
كما أكد أن المشروع يحظى بمتابعة مباشرة من وزيرَي النقل في كل من لبنان وقبرص، ما يعكس الجدية في تنفيذ هذا الخط الملاحي الجديد.
ولفت عقل إلى أن المسافة البحرية بين جونيه ولارنكا تُقدّر بحوالى 120 ميلًا بحريًا (نوتيكل مايل)، وتُقطع بسرعة 30 عقدة، ما يجعل مدّة الرحلة نحو 4 ساعات.
وأوضح أن العبّارة ستكون قادرة على العمل بين 6 و8 أشهر في السنة، بحسب الظروف المناخية.
أما في فصل الصيف، فتُعتبر الفترة الأنسب لتسيير هذه الرحلات، نظرًا إلى هدوء الطقس وزيادة الطلب، ما من شأنه أن يخفّف الضغط عن مطار بيروت ويؤمّن بديلًا أسرع وأسهل للمسافرين، من دون الحاجة إلى الانتظار الطويل الذي يرافق الرحلات الجوية.
الفوائد الاقتصادية والسياحية والبيئية للمشروع
وفي ما يتعلّق بفوائد إعادة تشغيل مرفأ جونيه وإطلاق خدمة العبارات، كشف عقل أن المشروع يُعدّ خطوة مهمة لإعادة الحيوية إلى المنطقة، حيث سيساهم في توفير فرص عمل وتنشيط الحركة السياحية نحو جونيه ولبنان بشكل عام. كما يعزّز السياحة البحرية من خلال استقبال اليخوت والسفن السياحية وفقًا لأعلى المعايير البيئية، ويفتح المجال أمام استثمارات جديدة في قطاعات النقل، والخدمات، والضيافة.
وأشار إلى أن الدولة اللبنانية ستستفيد أيضًا من هذه الحركة البحرية، إذ سيولّد المرفأ إيرادات إضافية من رسوم دخول وخروج السفن، جزء منها يُخصّص لتطوير البنية التحتية والمرافق العامة. كما أن التوسّع في هذا القطاع سيفتح الباب أمام فرص عمل جديدة، خاصة للشباب، ويُنشّط المناطق الساحلية من خلال استقطاب السياح. ولفت إلى أن هذه الخدمة ستوفر بديلًا مريحًا للمسافرين الذين يواجهون صعوبة في التنقل جوًا، سواء من كبار السن أو من يعانون من فوبيا الطيران.
وكمثال، أوضح عقل أنه في حال استقطبت قبرص 5 ملايين سائح، وقرّر 10% منهم فقط زيارة لبنان، فهذا يعني نحو نصف مليون سائح إضافي، وهو ما قد يُحدِث فارقًا كبيرًا في إنعاش قطاع السياحة المحلي.
أما من الناحية الاقتصادية والبيئية، فتوقّع عقل أن تكون تكلفة الرحلات عبر العبّارة أقل بنحو 30% أو أكثر مقارنة بالرحلات الجوية، وذلك بحسب الموسم وعدد الركاب. كما أظهرت الدراسات أن هذه الرحلات ستكون أكثر استدامة بيئيًا، حيث يُتوقّع أن تُخفّض انبعاثات الكربون بنسبة تتراوح بين 20% و30% لكل راكب.
كما لفت إلى أن إجراءات السفر عبر العبّارة ستكون مشابهة لتلك المعتمدة في المطار، حيث يُشترط حيازة جواز سفر، بالإضافة إلى الخضوع للتدقيق الأمني ومعاملات الجمارك.
الأسباب وراء تأخّر تنفيذ المشروع
أما عن سبب عدم تشغيل مرفأ جونيه سابقًا، فقد كشف وزير الأشغال والنقل السابق علي حميّة في حديث لـ"لبنان 24" أن المشروع كان مطروحًا لتطوير المرفأ الصغير وتحويله إلى مرفأ سياحي ضمن خطة تشريعية أُعدّت. لكن التنفيذ توقّف بعد اعتراض رسمي من صيادي جونيه وكسروان، الذين رفضوا استخدام المرفأ لأي غرض غير الصيد، إضافة إلى أن المرفأ كان بحاجة لأعمال تعميق وتجهيز إضافية.
وأكّد حميّة أن إطلاق خط العبّارات بين لبنان وقبرص خطوة إيجابية، لكن الأهم هو استكمال مشروع مرفأ جونيه الكبير، الذي أُنجز جزء منه سابقًا، ليكون قادرًا على استقبال سفن الكروز السياحية الكبيرة. وأشار إلى أن جونيه تمتلك كل المقوّمات لتكون مدينة سياحية بحرية، وتستحق مرفأً يليق بها.
وعن هذه النقطة، شرح عقل أن اعتراض الصيادين في السابق كان بسبب سوء فهم، إذ ظنّوا أن المشروع سيشمل تحويل كامل المرفأ إلى وجهة سياحية، في حين أن المخطط يطال جزءًا صغيرًا فقط منه. وأضاف أن الصورة توضّحت لاحقًا، والآن الصيادون مرتاحون أكثر بعدما تبيّن أن المشروع يصبّ في مصلحتهم أيضًا، خصوصًا مع فتح المجال لتسويق منتجاتهم والاستفادة من الحركة البحرية