اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

أحداث مفصلية مهّدت لجلسة “تبريد الرؤوس الحامية”: الخطر لم ينته؟

صيدا اون لاين

في الخامس والسابع من آب الماضيين، خرجت الحكومة بقرارات مثيرة للجدل، أبرزها تكليف الجيش وضع خطة عملية لحصر السلاح بيد الدولة، أي بمعنى أوضح نزع الشرعية القانونية والرسمية عن سلاح المقاومة.
هذه القرارات جاءت في ظل غياب المكوّن الشيعي عن جلستين متتاليتين، الأولى بغياب سياسي والثانية بغياب وزاري كامل، الأمر الذي قرأه الرئيس نبيه بري على أنه محاولة لتجاوز التوازنات الوطنية، واستقواء من فريق داخلي بخارج يوفّر له الغطاء. هذا الفريق، المعروف بمواقفه الداعية إلى نزع السلاح ولو بالقوة، بدا وكأنه مستعد للذهاب بعيداً في فرض أجندته، حتى لو أدى ذلك إلى صدام داخلي واسع.
في تلك اللحظة، أدرك بري أن كبح هذا المسار لن يكون من الداخل وحده، بل من الخارج أيضاً. من هنا جاء طلبه إلى علي لاريجاني لزيارة بيروت. ولعلّ إشارة لاريجاني إلى أن بري هو من دعاه كانت مقصودة لتثبيت فكرة أنّ الزيارة لم تأتِ بمبادرة إيرانية فقط، بل بطلب لبناني سياسي مباشر من رئيس المجلس، وبالتالي الهدف كان واضحاً، وهو استحضار ثِقَل إقليمي يفرض مجدداً توازنات مفقودة في المشهد الداخلي.

 

بعد الزيارة الإيرانية إلى لبنان والرسائل التي أرسلتها طهران على لسان أرفع مسؤول أمني فيها والرجل المقرب جداً من مرشد الجمهورية، تحركت في الإقليم وأوصلت ما يجب إيصاله من رسائل في أكثر من اتجاه، وفحوى الرسائل هو أن التعاطي القاسي مع الملف اللبناني، والاستمرار بالضغوط، سيؤديان إلى خلل في أكثر من ملف يعني الأميركيين وفي أكثر من بلد.
ثم جاء خطاب الرئيس بري في ذكرى اختطاف الإمام موسى الصدر في 31 آب الماضي، والذي جاءت إشاراته واضحة بأن الثنائي الشيعي لديه خطوط حمراء لا يقبل تخطيها، وأن المراهنين على هزيمة طائفة يجب أن يُعيدوا حساباتهم. وهنا كان الكلام بأكمله موجهاً للخارج، وتلقفه الداخل بحقيقته، فبري للمرة الأولى خرج بخطاب تطغى عليه الحسابات الطائفية والمذهبية، وهذا لوحده كفيل بإظهار حجم الجدية من جهة وحجم قلق بري من جهة أخرى. وأهم ما ورد في خطابه يومها بعد إبقاء باب الحوار بشأن السلاح مفتوحاً، هو الحديث عن كرة النار وطلب عدم رميها في حضن الجيش اللبناني.
“الجلسة الحكومية في 5 أيلول عكست نجاح هذه المقاربة التي أطلقها بري”، تقول مصادر سياسية مطّلعة. فلو لم يكن هناك ضغط أو سماح خارجي، لما تجرأ الداخل على الدخول في جلسة هدفت أساساً إلى “تبريد الرؤوس الحامية” وإعادة اللغة الواقعية إلى طاولة مجلس الوزراء. وتشير المصادر إلى أن مشهد تلك الجلسة رُسم في الداخل، وشارك برسمه شخصيات عديدة، أمنية وسياسية، مارست دوراً وسطياً ونقلت رسائل بين المرجعيات، لكن القرار أو الغطاء للقرار كان خارجياً، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان في لبنان. وبذلك، بدا الجميع وكأنهم خرجوا رابحين، ولو شكلياً، من خلال صياغة قرار يحفظ ماء وجه الحكومة من جهة، ويمنح القوى المعترضة على حصر السلاح في هذه الظروف هامش مناورة من جهة أخرى.
رغم تدخل إيران سياسياً، والتصعيد السياسي الشيعي المحلي، واهتمام أميركا بملفات عديدة إلى جانب الملف اللبناني، هناك أيضاً من يقول إن الأميركيين لو أرادوا الفوضى في لبنان لكانوا أوصلوا إليها، فلماذا لم تقع الفوضى؟
هنا تتعدد القراءات ووجهات النظر، ولكل قراءة أدلتها بالنسبة للمقتنعين بها. القراءة الأولى تؤكد أن الأميركيين يدركون أن الفوضى لا تنزع السلاح بل تخلق صراعاً مفتوحاً لا قدرة لحلفائهم على خوضه، وبالتالي فإن أي مواجهة داخلية شاملة ستؤدي إلى خسارة كل ما جرى تحقيقه سياسياً خلال الأشهر الماضية وتحقق المكاسب لإيران وحلفائها. لذلك، طلبت واشنطن التراجع خطوة ونزع فتيل التفجير الذي كان قريباً من الاشتعال، واستكمال الخطة من خلال الاستمرار في سياسة الضغط التدريجي عبر تفعيل عمل لجنة المراقبة، والتي ستلعب دوراً بارزاً في المرحلة المقبلة، ولو تطلّب الأمر تقديم بعض التنازلات على المستوى الإسرائيلي.
في المقابل، ثمة وجهة نظر أخرى ترى أن الأميركي لا يُريد الفوضى بالأصل، فهو مقتنع بأن لا مفر في النهاية من المواجهة الكبرى، ليس في لبنان وحده بل على مستوى الإقليم مع إيران تحديداً. وفق هذه القراءة، فإن كل ما يجري الآن هو مجرد ملء للوقت الضائع قبل الجولة الثانية من الحرب، حيث تُترك الأمور على نار حامية دون أن تنفجر، ريثما تكتمل الظروف الإقليمية والدولية لفتح المواجهة الواسعة. واشنطن، بحسب هذا الرأي، تعرف أن الداخل اللبناني لن يسلّم سلاحه طوعاً، وأن المسار الواقعي الوحيد لإضعافه يمر عبر حرب أشمل، يبقى فقط توافر ظروفها وتحديد موعدها

تم نسخ الرابط