اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

تأجيل الانتخابات النيابية "أهون الشرّين"؟

صيدا اون لاين

لم ينسحب وزير العدل عادل نصار من جلسة مجلس الوزراء اعتراضًا فقط على عدم البت بتعديل المادتين 112 و124 من قانون الانتخابات الحالي، بل لتسجيل موقف سياسي يعبّر عن وجهة نظر الأحزاب التي تطالب بوجوب تصويت المغتربين لـ 128 نائبًا، كل بحسب دائرته الانتخابية مثلهم مثل أي لبناني مقيم.
رئيس الحكومة نواف سلام لام الوزير نصار لانسحابه من الجلسة، وكان يفضّل أن يبقى فيها لاستكمال المناقشة العلمية والقانونية، فيما سُجّل عدم تضامن وزراء "القوات اللبنانية" مع زميلهم المنسحب، مع أن لهم المطالب ذاتها، التي انسحب وزير العدل اعتراضًا على عدم إقرارها، وفضّلوا عدم صب الزيت على النار، على أن يتركوا المهمة للنواب القواتيين داخل اللجان المشتركة، خصوصًا أن لهم فيها حضورًا لافتًا ومؤثّرًا.
ولكن في المقابل، واستنادًا إلى التجارب السابقة، فإن أي مشروع قانون أو اقتراح قانون لن يُعرض على الهيئة العامة لمجلس النواب إذا لم يكن الرئيس نبيه بري موافقًا عليه. وليس سرًّا القول بأن "الثنائي الشيعي"، ومعه "التيار الوطني الحر" يتمسكّان بحرفية القانون الحالي من دون إدخال أي تعديل عليه، على أن ينتخب المغتربون النواب الستة، مع أن لكل منهما أسبابه، التي لا تلتقي بالضرورة على الهدف نفسه. فبهذه الطريقة يضمن "الثنائي" عدم حصول أي خرق في جدار الحصة الشيعية التمثيلية في المجلس العتيد. أمّا "التيار الوطني" فله حسابات أخرى، التي يعود جزء كبير منها إلى ضمور حضوره الخارجي.
أمّا الأحزاب السيادية فتنطلق من مسلمات جارتها فيها الابرشيات في المغتربات، والتي تعتبر أن من حقّ المغترب أن يكون له الحقوق ذاتها المعطاة حكمًا للمقيم. إلاّ أن ما بين ما تراه هذه الأحزاب صوابًا وحقًّا وبين الواقع بونًا شاسعًا، خصوصًا أن ما أقدمت عليه الحكومة في اجتماعها يوم الثلاثاء حين رمت كرّة التعديل إلى ملعب اللجان المشتركة يصبّ في خدمة تمييع القرار، وذلك في ضوء المقولة الشهيرة بأن اللجان هي مقبرة المشاريع.

فما كان يُعتبر ثابتة من ثوابت الحكومة قبل يوم الثلاثاء لم يعد كذلك بعدما باتت كالشاهد "يللي ما شفش حاجة" بالنسبة إلى الاستحقاق النيابي. ولأن لا شيء واضحًا حتى الآن بالنسبة إلى المواعيد الثابتة لهذا الاستحقاق، ولأن لا اتفاقًا سياسيًا بالنسبة إلى الطريقة، التي سيصوت بموجبها المغتربون، فإن إرجاء هذا الموعد إلى حين التوافق السياسي، على رغم استحالته، يبدو أنه قد أصبح من بين الاحتمالات الكثيرة. وهذا ما ترفضه الأحزاب السيادية، مقابل ترحيب "الثنائي بهذا التأجيل التكتيكي.
إلاّ أن عدم انسحاب وزراء "القوات" من الجلسة تضامنًا مع وزير العدل لا يعني، وفق مصادر قواتية، أنهم راضون على الطريقة، التي تعامل بها رئيس الحكومة مع هذه المسألة الدقيقة والحساسة، والتي كانت تتطلب موقفًا جريئًا من الحكومة، التي تبيّن من خلال مناقشات جلسة الثلاثاء أنه لم يكن لديها تصوّر منطقي وواقعي حول توزيع المقاعد الستة في العالم، لأنه توجد خمس قارات لا ستّ، وكيف يتم توزيعها طائفياً على المواقع الستة، ما يعني أن الحكومة تميل ضمناً إلى إبقاء الأمور على ما كانت عليه في الدورة الماضية، مع استعداد قسم كبير من الحكومة للموافقة على إعداد مشروع تعديل للقانون بحيث يتم إلغاء المواد المعلّقة، وبما يمنع القول، إن القانون لا يُنفّذ بكامله. ولذلك تُرك للوزير الحجار متابعة الموضوع، من دون أن يكون هناك موقف حاسم باسم مجلس الوزراء، نظراً إلى الخلافات بين القوى السياسية حول الملف.

وما لم يظهر إلى العلن هو موقف كل من الوزيرين ياسين جابر ومحمد حيدر، اللذين كانا يحملان معهما إلى جلسة "تطيير الانتخابات" "كلمة السر" من الرئيس بري بعدم تمرير بند اقتراع المغتربين مهما كانت النتيجة حتى ولو اضطّر الوزراء الشيعة للانسحاب من الجلسة. إلاّ أن موقف رئيس الحكومة جاء منسجمًا مع قرار متخذ سلفًا، وهو تجنّب أي إشكال مع رئيس مجلس النواب الذي لا يريد حسم مسألة الاغتراب في وقت مبكّر، قبل الغوص في كل جوانب قانون الانتخاب وتأمين نوع من الإجماع عليه، لناحية التعديلات المطلوبة.

وفي الاعتقاد أن عدم حلّ تعديل المادة 112 من قانون الانتخابات قد يدفع الجميع، بمن فيهم الأحزاب السيادية، إلى القبول مرغمين بفرضية التأجيل، "الذي هو أهون الشرّين".

تم نسخ الرابط