اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

موزانة 2026: نجحت في امتحان الصندوق ورسبت في "اختبار" الموظفين

صيدا اون لاين

رغم إيجابيّة موازنة 2026 التي أقرّها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، لناحية تسجيلها صفر عجز كما يشترط المجتمع المالي الدولي، إلّا أنّها جاءت مُخيّبة لآمال موظفّي القطاع العامّ والعسكريين على حدّ سواء.

يتهيأ الموظفون لتحرّك واسع في حال خيّبت الوعود مُجدّدًا آمالهم بتصحيح رواتبهم كما يُطالبون، ولم تتم معالجة الأزمة في "فذلكة" الموزانة كما وعد رئيس الحكومة نواف سلام ووزير المالية ياسين جابر.

عضو الهيئة الإداريّة في رابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحال، قال لـ"نداء الوطن" إنّه "كما كان متوقعًا، صدرت موازنة عام 2026 خالية تمامًا من أي رصد لمصلحة موظفي الإدارة العامة، سواء كانوا مدنيين أم عسكريين، عاملين أو متقاعدين"، مُشيرًا إلى أنّه "كل ما لحظته الموازنة هو المساعدة الشهرية التي تترواح ما بين 12 مليون ليرة و14 مليونًا للعسكريين المتقاعدين أو للمدنيين، بينما لم تتضمّن أي بند يحسّن أوضاع موظفي القطاع العامّ".

"المفارقة الأخطر... والأغرب"
هنا يُشير نحال إلى أنّ "المفارقة الأخطر أن الضرائب الواردة في الموازنة تطول الموظفين والطبقات الوسطى والفقيرة بشكل مضاعف مقارنة بما فُرض على أصحاب الرساميل والأثرياء. ففي حين أن المنطق في كل دول العالم يقوم على فرض ضرائب أعلى على الأغنياء، نجد أن لبنان يسير بعكس الاتجاه".
أضاف: "تتضمّن الموازنة بندًا خطيرًا يُجيز للحكومة، بموجب المادة 42، أن تفرض رسومًا وضرائب وجمارك جديدة بشكل مباشر من الآن وحتى العام 2030، أي منحها صلاحية استثنائية مفتوحة لزيادة الأعباء من دون العودة إلى المجلس النيابي.
و"الأغرب أيضًا، وفق نحال، أنّ "الموازنة لحظت صفر إيرادات من الأملاك البحرية والنهرية، فيما يجري الحديث عن عجز مالي أمام الموظفين، بينما نرى مؤسسات وهيئات ناظمة تدفع رواتب خيالية لأعضائها (بين 8 و12 ألف دولار شهريًا)، وكذلك رواتب الوزراء والمستشارين والنواب التي ارتفعت بشكل كبير لتتراوح بين 5 و7 آلاف دولار. أي أن من بيدهم القرار يعيشون برفاهية، بينما يُترَك الموظفون بلا مقوّمات عيش".

لا دعم
إضافة إلى ذلك، يلفت إلى أنّ "الموازنة لم ترصد أي دعم للصناديق الضامنة (تعاونية موظفي الدولة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وغيرها)، ما يعني غياب التقديمات الاجتماعيّة والصحيّة عن الموظفين والمتقاعدين".

حراك العسكريين المتقاعدين
يتطرّق نحال إلى حراك العسكريين المتقاعدين، ويلفت إلى أنّه "بعد تحرّكات العسكريين المتقاعدين، وُعدوا بلجنة تبحث في أوضاعهم، وهو ما أثار استياء باقي الروابط والنقابات، فانعقد اجتماع موسّع ضم ممثلين عن: رابطة موظفي الإدارة العامة، رابطة التعليم الأساسي، المجلس التنسيقي للمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وروابط أخرى تمثل العاملين والمتقاعدين في القطاع العامّ".
"في هذا الاجتماع، جرى التأكيد أن ما حصل عليه العسكريون المتقاعدون لا يتناسب مع المطالب الأساسية ولا يُعدّ إنجازًا حقيقيًا، وأن الجميع معني بالحصول على الحقوق نفسها"، وفق ما يوضح نحال.

"مطالب مُحقّة"
يُتابع: "كما أُعيد التشديد على أهميّة مطالبنا المُحقّة، وهي: تصحيح الرواتب والأجور لاستعادة القدرة الشرائية للأجور كما كانت عليه سنة 2019 ودمج كافة الزيادات في صلب الراتب، وإعداد سلسلة رتب ورواتب جديدة وربطها بمؤشر الغلاء والتضخم واعتماد سلم متحرّك للأجور، تثبيت كافة المتعاقدين والأجراء وكافّة العاملين في القطاع العامّ تحت كافّة مسمياتهم لسد الشغور في الإدارة (نسبة الشغور حوالى 70 % وفقا لمجلس الخدمة المدنية) وبعدها فتح باب التوظيف لرفد الإداراة بطاقات جديدة شبابية، إعادة المعاش التقاعدي 100 % من الراتب، دعم الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي والمستشفيات الحكومية لتتمكّن من القيام بدورها، ودعم الهيئات الرقابية والقضاء اللبناني ليتمكّنا من القيام بدورهما في محاربة الفساد والفاسدين".
وهنا يُشدّد على أنّ "تجاهل هذه الحقوق يفاقم الأزمة الاجتماعية والمعيشية، ويضع الموظفين والمتقاعدين في مواجهة ظروف لا تُطاق، بينما تستمر الفوارق والامتيازات بين الطبقة الحاكمة وسائر المواطنين".

مطالب وإجراءات
يُعدّد نحال عدّة "مطالب وإجراءات مقترحة بشأن الموازنة والنظام الضريبي وإدارة الأملاك العامة، حيث يجب أن تُعطى الأولويّة لدعم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ليتمكّن من تقديم خدماته للموظّفين ولكافة المضمونين تحت سقفه. كما لا بدّ من دعم السلطة القضائية والهيئات الرقابية كي تمارس دورها بفعالية في مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين في الإدارة العامة"..
ويؤكّد أنّه "من غير المقبول أن يبقى نظامنا الضريبي على حاله، فهو في الواقع يُثقل كاهل المواطن ويمنح ميزات لا مبرّر لها للأثرياء وللفئات المدعومة سياسيًا. التركيبة الحالية للضرائب (بنسبة تقريبية 85 % ضرائب غير مباشرة و15 % ضرائب مباشرة) يجب أن تُعكس لصالح عدالة ضريبية فعلية، بحيث ترتكز الضرائب بنسبة أعلى على المداخيل والأرباح الكبيرة. النموذج المطلوب هو تقريبًا تحويل النسبة إلى 85 % ضرائب مباشرة على الأرباح والدخل، و15 % ضرائب غير مباشرة".

تناقض صارخ
كما يُوضح أنّ "ثمّة تناقضًا صارخًا في الضريبة على الأجور مقارنة بضريبة رؤوس الأموال: اليوم قد تصل الضريبة على الرواتب إلى مستويات تُثقل كاهل العاملين (قد تقترب من نحو 26 % في بعض الشرائح)، بينما تفرض نسب أقل على أرباح رؤوس الأموال والشركات (نحو 12–14 % أو أقل). هذا نظام غير عادل ويستدعي إصلاحًا فوريًا ليحمِي القوة الشرائية للموظفين ويُعيد العدالة الضريبية".
لذا يرى نحال أنّه "بدلًا من تحميل الموظفين والطبقات المتوسطة والفقراء أعباء الضرائب ورفع الدعم عنهم، يجب استرداد الموارد من حيث توجد فعلًا: تفعيل تحصيل إيرادات الأملاك البحرية والنهرية وتأجيرها بأسعار سوقية عادلة، لا تسعيرها بأرقام هزيلة كالتي تُمارَس اليوم، مراجعة عقود استثمار أملاك الدولة الحالية، وإعادة التعاقد إذا لزم الأمر لضمان مداخيل حقيقية للدولة وليس تراكم أرباح المستثمرين على حساب المال العام، ومحاربة المحسوبيات في منح امتيازات واستثمارات الأملاك العامة، وفرض شفافية كاملة في آليات التأجير والاستثمار".

موارد إضافية
من خلال تطبيق هذه الإجراءات بعتبر نحال أنّه "يُمكننا: تأمين موارد إضافية للقطاع العام من دون تحميل المواطنين أعباء إضافية، إعادة توزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر عدالة - حيث يدفع أصحاب الثروات ونشاطات الربح الأكبر حصّتها الحقيقية، دعم خدمات عامة أساسية (الضمان الاجتماعي، الصحة العامة، التعليم الرسمي) بحلول تمويلية مستدامة".
ويختم بالقول: "هذا هو المسار الذي ينبغي أن نسلكه من أجل تحقيق إصلاح النظام الضريبي لصالح العدالة الاجتماعية، ودعم المؤسسات الرقابية والقضائية لضمان محاسبة الفاسدين واسترجاع المال العام".

تم نسخ الرابط