اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

خيار التفاوض مطروح انما بأي شروط وما هي نسبة نجاحه؟

صيدا اون لاين

مع انتخاب الرئيس ​جوزاف عون​ رئيساً للجمهورية ال​لبنان​ية في كانون الثاني 2025، والذي تزامن مع تصعيد أمني غير مسبوق على الحدود الجنوبية، ومع انتهاكات يومية للسيادة اللبنانية لتقويض صورة الدولة والجيش وترك ​إسرائيل​ تستهدف المناطق اللبنانية كافة من دون ضوابط او رادع، دخل ملف التفاوض المحتمل بين لبنان وإسرائيل مرحلة جديدة وحاسمة، لم تكن قبلاً مطروحة او ضمن الخطط الموضوعة، فالحديث عن اتفاق لترسيم ​الحدود البرية​ أو ترتيب أمني شامل، لم يعد مجرد مسألة حدودية، بل أصبح مرتبطاً بشكل وثيق بالبرنامج الإصلاحي للعهد الجديد، والذي يضع ​حصر السلاح​ بيد الدولة ضمن أولوياته الوطنية. هذا التحول يضع قيوداً جديدة ويفتح آفاقاً معقدة أمام أي حوار مستقبلا، مع العلم ان هذه المواقف غير مسبوقة في لبنان، وان ما يقوم به الجيش يحظى بإشادة دولية تامة، ما عدا استياء إسرائيلي وغضب بعض المتشددين في الإدارة الأميركية.


كل المواقف اللبنانية تصب في خانة ترجيح كفة ​المفاوضات غير المباشرة​، لكن الفارق يكمن الآن في مدى استعداد الطرفين لاستثمار اجوائها، وقبول إسرائيل بهذا الطرح وهي التي تريد فرض كل ما تريد لاستغلال فرصة قد لا تحظى بها مرة أخرى:


* الموقف اللبناني: هناك شبه اجماع بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام على الجهوزية للانخراط في مفاوضات غير مباشرة تهدف إلى استعادة السيادة وتثبيت الحدود البرية (حتى تم طرح توسيع لجنة الميكانيزم لتشمل شخصيات مدنية). هذا الموقف المدعوم من المؤسسة العسكرية، يمنح الوفد اللبناني قوة تفاوضية أكبر من أي وقت مضى.

* خطة حصر السلاح كأداة ضغط: لا يكتفي لبنان بطلب التفاوض، بل بدأ العمل بخطة ​الجيش اللبناني​ التي أقرّتها الحكومة، والتي تهدف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، انما بشكل تدريجي، وهو امر تعارضه إسرائيل التي تريد القضاء على ​حزب الله​ بشكل تام وسريع ومن دون أي بادرة "حسن نية" من قبلها، لا بل تمعن في الانتهاكات وتهميش صورة الدولة والجيش امام اللبنانيين والعالم.. 
* الرفض الإسرائيلي الضمني: حتى الآن، ترفض إسرائيل القبول بصيغة التفاوض التي يريدها لبنان، وتستمر في توغلها وتشييدها للجدران الأسمنتية على طول الحدود، في محاولة لفرض أمر واقع ميداني قبل أي حوار. وهذا امر مفهوم من وجهة النظر الإسرائيلية، ولكنه يتعارض تماماً مع ابسط مفاهيم التفاوض التي تتطلب تنازلاً من قبل الطرفين، او على الأقل تجميد الانتهاكات من قبل الطرف المستبد، والوصول الى صيغة مقبولة تؤمّن إحلال استقرار وربما سلام طويل المدى، وليس سلاماً موقتاً ينتظر من ينسفه بعد عقد او فترة من الزمن.

تدور أجندة المفاوضات حول محورين متضاربين، زادتهما ​خطة الجيش​ تعقيداً:

1- المطلب اللبناني الذي يصر على الانسحاب الإسرائيلي الكامل وغير المشروط من النقاط المتنازع عليها، وتحرير الاسرى، والبدء بإعادة الاعمار، ولو بشكل تدريجي، لان من شأن ذلك تقوية موقف الجيش ميدانياً ومعنوياً، وتسهيل تنفيذ القرارات التي أعلنت عنها الحكومة.
2- المطلب الإسرائيلي الذي لم يعد يقتصر على انسحاب "حزب الله" إلى ما بعد الليطاني فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى التفكيك الكامل للبنية العسكرية والتحتية الصاروخية للحزب في الجنوب، وهو ما تسميه "إزالة التهديد كلياً". إسرائيل ترى أن خطة الجيش اللبناني الحالية "غير كافية" ولا تضمن أمن مستوطنيها، وانه باستطاعتها تنفيذ ما لا يمكن للجيش تنفيذه، أي الاستهداف عبر الجو لاماكن ومناطق سكنية، فيما يحرص الجيش على عدم الوصول الى نقطة اللاعودة التي تضعه في وجه لبنانيين وعودة شبح الحرب.

ولكن عوامل فشل كل هذه الطروحات كبيرة ولا يمكن اغفالها، واهمها على الاطلاق فرض إسرائيل تحقيق ما تريد من دون أي مقابل ملموس، وكأنها تقول: افعلوا ما اريد الآن والا لن تنعموا بالسلام، وفي هذا الامر خطر كبيرة كونه يضعها في موقف المطالب الدائم بالامور وعدم القدرة اللبنانية على رفض أي مطلب، اياً يكن...

الامر الثاني الذي يعتبر محور الخطورة وركيزتها الأساسية، الانحياز الأميركي الاعمى لإسرائيل، ونجاح التيار المتشدد في الإدارة الأميركية الحالية في منح المسؤولين الإسرائيليين كل ما يريدونه من غطاء دبلوماسي ووقت لتنفيذ كل ما يريدونه، وحتى التضحية بالعلاقة مع لبنان ومع الجيش اللبناني الذي كان حتى الامس القريب بالنسبة الى الاميركيين، خشبة خلاص لبنان الوحيدة.
واذا كان الاميركيون هم الوسيط الذي يعتمد عليه لبنان للجلوس على طاولة مفاوضات غير مباشرة، فاين هو هذا الدور وما هي الوساطة التي يحاول الاميركيون الترويج لها حالياً؟ في الواقع، لا يقومون سوى بترويج وترداد ما تقوله إسرائيل، فكيف من المتوقع نجاح مفاوضات لا ترتكز على أساس صلب وواضح لبحث الأمور؟.

وعليه، فإن القول بأن المفاوضات حالياً، هي خلاص لبنان، هو كلام صحيح بعد فشل الخيار العسكري، ولكنه ايضاً بعيد المنال بسبب الرغبة الإسرائيلية في تحقيق ما تريده، واهداء واشنطن لها التفويض الشامل للقيام بما تبغى، وما على لبنان سوى الانتظار والتحمل!.

تم نسخ الرابط