اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

الذهب في 2026: المعدن الأصفر على أعتاب 5000 دولار

صيدا اون لاين

تشير توقعات البنوك العالمية الكبرى إلى أن الذهب يتجه للحفاظ على مساره الصاعد خلال عامي 2026 و2027، مدفوعاً باستمرار الطلب القوي من البنوك المركزية والمستثمرين، وتزايد الأخطار الجيوسياسية، وتوقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية. وبينما ترجّح مؤسسات مثل "جيه بي مورغان"، و"بنك أوف أميركا"، و"ستاندرد تشارترد"، و"آي أن جي" وصول الأسعار إلى نطاق يراوح ما بين 4300 و5000 دولار للأونصة، بل وبلوغ مستويات أعلى في بعض السيناريوهات، يتعزز الإجماع على أن الذهب بات ركيزة استراتيجية في المحافظ الاستثمارية، وليس مجرد ملاذ موقت في أوقات الاضطراب.

سجلت أسعار الذهب مكاسب متواصلة في عام 2025، إذ ارتفعت بنسبة تصل إلى 55 في المئة وتجاوزت 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأسهمت المخاوف التجارية، وانخفاض الطلب على الدولار الأميركي، وزيادة مشتريات البنوك المركزية في تهيئة الظروف المثالية لهذا الارتفاع التاريخي.

ما هي توقعات الذهب في عام 2026 وما بعده؟
رئيسة استراتيجية السلع العالمية في "جيه بي مورغان" ناتاشا كانيفا، استشرفت أسعار الذهب في العام المقبل، وقالت في مذكرة بحثية "على رغم أن هذا الارتفاع في أسعار الذهب لم يكن، ولن يكون، لحظياً، إلا أننا نعتقد أن الاتجاهات التي تدفع هذا الارتفاع في أسعار الذهب لم تنتهِ بعد، فلا يزال الاتجاه طويل الأجل لتنويع الاحتياطات الرسمية واستثمارات المستثمرين في الذهب مستمراً. ونتوقع أن يدفع الطلب على الذهب الأسعار نحو 5000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2026."

بشكل عام، تتوقع "جيه بي مورغان" للأبحاث العالمية أن يبلغ متوسط الأسعار 5055 دولاراً للأونصة بحلول الربع الأخير من عام 2026، وأن ترتفع إلى 5400 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2027.

وتقليدياً، يؤدي ضعف الدولار وانخفاض أسعار الفائدة الأميركية إلى زيادة جاذبية الذهب الذي لا يدرّ عائداً، علاوة على أن عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي يميل إلى أن يكون من العوامل الإيجابية الدافعة للذهب، نظراً لمكانته كملاذ آمن وقدرته على البقاء مخزناً موثوقاً للقيمة.

ويتميز الذهب بانخفاض ارتباطه بفئات الأصول الأخرى، مما يجعله بمثابة تأمين خلال فترات انخفاض الأسواق والتوترات الجيوسياسية.

تحوط ضد انخفاض قيمة العملة
لكن بالنظر إلى محركات الطلب المتنوعة والمتغيرة للذهب في الوقت الحالي، عمل المعدن أخيراً كأداة للتحوط ضد انخفاض قيمة العملة - أو شكل من أشكال الحماية ضد فقدان القوة الشرائية للعملة بسبب التضخم أو انخفاض قيمة العملة - وفي دوره التقليدي كمنافس غير مدر للدخل لسندات الخزانة الأميركية وصناديق سوق المال، بحسب مذكرة "جيه بي مورغان".

يضيف رئيس استراتيجية المعادن الأساسية والثمينة في "جيه بي مورغان"، غريغوري شيرر، "في الربع الثالث من عام 2025، بلغ إجمالي طلب المستثمرين (صناديق الاستثمار المتداولة، والعقود الآجلة، والسبائك، والعملات المعدنية) والبنوك المركزية على الذهب نحو 980 طناً، أي بزيادة تزيد على 50 في المئة عن المتوسط خلال الأرباع الأربعة السابقة".

في أعقاب الارتفاع المتواصل للذهب، تساءل بعض المستثمرين عن هوية المشترين الرئيسين للذهب في عام 2026، ويستند توقع أسعار الذهب الصادر عن قسم الأبحاث العالمية في "جيه بي مورغان" إلى استمرار الطلب القوي من المستثمرين والبنوك المركزية على الذهب، والذي من المتوقع أن يبلغ متوسطه نحو 585 طناً في الربع.

أضاف شيرر "بالنظر إلى عام 2026، نتوقع نحو 585 طناً من الطلب الفصلي من المستثمرين والبنوك المركزية في المتوسط، تتضمن نحو 190 طناً فصلياً من البنوك المركزية، و330 طناً فصلياً من الطلب على السبائك والعملات، و275 طناً من الطلب السنوي من صناديق المؤشرات المتداولة والعقود الآجلة، مع تركيز معظمها على العام المقبل".

على رغم ثلاثة أعوام متتالية تجاوزت فيها مشتريات البنوك المركزية من الذهب 1000 طن، إلا أن الاتجاه الهيكلي لزيادة مشتريات البنوك المركزية سيستمر حتى عام 2026، وفقاً لأبحاث "جيه بي مورغان" العالمية.

هل تواصل البنوك المركزية الشراء؟
ومن المتوقع أن تبلغ مشتريات البنوك المركزية نحو 755 طناً في عام 2026، وهو أقل بقليل من ذروة السنوات الثلاث الماضية التي تجاوزت 1000 طن، ولكنه لا يزال مرتفعاً مقارنةً بمتوسطات ما قبل عام 2022، والتي كانت أقرب إلى 400-500 طن.

هذا الانخفاض هو في جوهره تغيير آلي في سلوك البنوك المركزية أكثر منه تحولاً هيكلياً، فمع أسعار الذهب التي تقارب 4000 دولار للأونصة وما فوق، لم تعد البنوك المركزية بحاجة لشراء كميات كبيرة من الذهب لرفع حصتها في سوق الذهب إلى النسبة المطلوبة.

وتشير مذكرة الشركة "نعتقد أن طلب البنوك المركزية سيظل مرتفعاً في العام المقبل، وقد شجعنا الشراء القوي في الربع الثالث من عام 2025، حتى مع ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير".

على الصعيد العالمي، تبلغ حيازات البنوك المركزية من الذهب ما يقرب من 36200 طن، وتمثل نحو 20 في المئة من الاحتياطات الرسمية، ارتفاعاً من نحو 15 في المئة في نهاية عام 2023، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي المنشورة حتى نهاية عام 2024.

ارتفاع المعدن الأصفر في عام 2026
ووفقاً لدراسة أجراها بنك التسويات الدولية عام 2020، تستفيد البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أو تلك التي تستخدم عملات السلع من الاحتفاظ بأكثر من 20 في المئة من احتياطاتها من الذهب، لأنه يوفر حماية قوية ضد أخطار تقلبات أسعار الصرف.

مع نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وبفضل الارتفاع الحاد في الأسعار والتدفقات الاستثمارية القوية، بلغت حيازات المستثمرين من الذهب (عبر صناديق المؤشرات المتداولة، والسبائك، والعملات، وعقود كومكس الآجلة) نحو 2.8 في المئة من إجمالي الأصول المُدارة في الأسهم، والدخل الثابت (باستثناء احتياطات البنوك المركزية)، والاستثمارات البديلة.
بنك "يو بي أس" السويسري هو الآخر ذهب إلى تبني التوقعات بمواصلة ارتفاع المعدن الأصفر في عام 2026، إذ ينصح بتخصيص جزء من المحفظة الاستثمارية للمستثمرين للذهب كأداة تحوط ضد أخطار السوق والأخطار الجيوسياسية.

ومع أن الذهب لا يُدرّ دخلاً ثابتاً، ولا يُمكن ضمان فعاليته الوقائية في كل فترة انكماش اقتصادي، إلا أن البنك السويسري يعتقد أن تخصيص نسبة معتدلة منه - تصل إلى 5 في المئة من إجمالي الأصول - يُمكن أن يُعزز التنويع ويُخفف من الأخطار النظامية والجيوسياسية.

ويضيف قائلاً "في ظل ارتفاع مستويات الديون وعدم الاستقرار السياسي، نتوقع استمرار الطلب القوي الحالي من البنوك المركزية والمستثمرين العالميين خلال العام المقبل".

عوامل ارتفاع أسعار الذهب
ويدخل الذهب عام 2026 عند مستويات قياسية بعد ارتفاع استثنائي مدفوع بطلب قوي من البنوك المركزية، وعدم اليقين الاقتصادي الكلي، وتحول في تخصيص الأصول الاستراتيجية، ومع ذلك لا يزال بنك "آي أن جي" متفائلاً في شأن الذهب، إذ تشير العوامل الاقتصادية الكلية والأساسية إلى مزيد من الارتفاع في عام 2026.

بالنظر إلى العام المقبل، لا تزال البنوك المركزية تشتري النفط، والحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستمرة، والأخطار الجيوسياسية لا تزال مرتفعة، وتستمر حيازات صناديق المؤشرات المتداولة في التوسع، بينما تتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل "الاحتياطي الفيدرالي"، مما يشير إلى أن هذا الارتفاع في الأسعار لم يأتِ بعد، بحسب البنك الذي يتوقع أن يبلغ متوسط سعر الذهب 4325 دولاراً للأونصة في عام 2026.

ومع ذلك يلفت الانتباه إلى الأخطار السلبية ممثلة في عمليات بيع واسعة النطاق في السوق، مما قد يُجبر المستثمرين على بيع الذهب لتوفير السيولة، ويقول البنك في ذلك "من الأخطار السلبية الأخرى انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة وسط انحسار التوترات الجيوسياسية. كذلك يُشكل بيع البنوك المركزية لاحتياطاتها من الذهب خطراً آخر على توقعاتنا".

لكن بنك "ستاندرد تشارترد" يذهب إلى وجهة نظر مفادها أن الذهب ماضٍ بخطى ثابتة نحو التفوق على الأسهم والسندات العالمية للعام الثاني على التوالي، بل إنه يسير بخطى ثابتة نحو التفوق على السندات العالمية للعام الـ10 على التوالي.
الذهب أم الأسهم والسندات العالمية؟
ويضيف البنك في تقرير أصدره في ديسمبر (كانون الأول) الجاري "الارتفاع القياسي للذهب جاء مدفوعاً بالغموض الجيوسياسي والمخاوف في شأن تخفيف السياسات المالية عالمياً، وسعر المعدن النفيس ارتفاع في 2025 بأكثر من 50 في المئة، وبأكثر من 150 في المئة خلال الأعوام الثلاث الماضية. ولدينا قناعة راسخة بأن الذهب سيتفوق على الأسهم والسندات العالمية مجدداً في عام 2026".

وبينما يبدو الذهب عالقاً عند نحو 4200 دولار للأونصة، إلا أن "بنك أوف أميركا" لا يزال يرى الكثير من الإمكانات لارتفاع الأسعار في عام 2026.

يشير رئيس قسم أبحاث المعادن في البنك، مايكل ويدمر، في ندوته السنوية عبر الإنترنت حول التوقعات، إن الارتفاعات الكبيرة في أسعار الذهب عادة ما تبلغ ذروتها فقط عندما تتلاشى الدوافع الأساسية التي أدت في البداية إلى هذا الارتفاع، ولا تنتهي ببساطة بسبب ارتفاع الأسعار.

وأضاف بقوله "سبق أن أوضحت أن سوق الذهب تشهد إقبالاً مفرطاً، لكنها في الواقع لا تزال تعاني من نقص الاستثمار... لا يزال هناك مجال واسع للذهب كأداة لتنويع المحافظ الاستثمارية".

50% من ارتفاع الأسعار
ويدمر توقع أن تصل أسعار الذهب إلى 5000 دولار للأونصة العام المقبل، وأشار إلى أن زيادة الطلب الاستثماري بنسبة 14 في المئة فقط كافية لتحقيق هذا الهدف، وبلغ متوسط الطلب الاستثماري هذا المستوى تقريباً خلال الربعين الماضيين.

ويلفت ويدمر إلى أن ارتفاع سعر الذهب بنسبة 50 في المئة هذا العام يعني أنه سيكون من الصعب على بعض مديري المحافظ الاستثمارية تجاهله في العام الجديد.

أما في ما يتعلق بالعوامل التي قد تُشعل موجة جديدة من الإقبال على الذهب، يرى أن السياسة النقدية الأميركية ستكون عاملاً مهماً في العام المقبل.

في المحصلة، تكشف توقعات البنوك العالمية عن إجماع نادر على أن الذهب لم يعد يتحرك بدافع المضاربة قصيرة الأجل، بل ضمن تحول هيكلي أعمق في سلوك البنوك المركزية والمستثمرين تجاه إدارة الأخطار وتنويع الاحتياطيات. وبين سيناريوهات الصعود التدريجي أو القفزات السعرية، يبقى العامل الحاسم هو استمرار الضغوط الجيوسياسية ومسار السياسة النقدية الأميركية، ما يجعل الذهب مرشحاً للاحتفاظ بدوره كأصل استراتيجي رئيس خلال 2026 وما بعدها، حتى في حال تراجع حدة التقلبات في الأسواق العالمية.

تم نسخ الرابط