إختر من الأقسام
آخر الأخبار
عيد آخر بلا هدنة في غزة ولبنان.. من يوقف 'الهمجية' الإسرائيلية؟!
عيد آخر بلا هدنة في غزة ولبنان.. من يوقف 'الهمجية' الإسرائيلية؟!
المصدر : حسين خليفة - لبنان 24
تاريخ النشر : الإثنين ٢٩ نيسان ٢٠٢٤

بلا هدنة، مرّ عيد الفطر على الفلسطينيين في غزة، وكذلك على اللبنانيين في الجنوب، الذين أصرّوا رغم ذلك على الاحتفال ولو بالحدّ الأدنى، للتأكيد على صمودهم وثباتهم، ومواجهتهم لكلّ التحديات، على الرغم من الحرب التي طوت نصف عام كامل، لم تنجح معه كلّ الوساطات والمبادرات في وضع حدّ للهمجية الإسرائيليّة، وما يتفرّع عنها من مجازر ضد المدنيين، تصل حدّ الإبادة في القطاع الفلسطيني المُحاصَر.

وعلى الرغم من المقولة الشائعة بأنّ إسرائيل باتت "في عزلة دولية"، خصوصًا بعد قرارات محكمة العدل الدولية بحقّها، وبعد قول الرئيس الأميركي جو بايدن إنه لا يوافق على استمرار الحرب، مع أنّ مثل هذا القول بقي بلا ترجمة عملية، ولو على شكل "ضغط معنوي"، إلا أن لا شيء على الأرض يوحي بأنّ إسرائيل تستعدّ لوقف حربها في المدى المنظور، ولا سيما أنّها لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها المُعلَنة، وعلى رأسها إنهاء المقاومة.

على العكس من ذلك، تمضي إسرائيل في هجماتها ومجازرها، كما فعلت في أول أيام العيد في مخيم الشاطئ في غزة، وتهدّد بتوسيع القتال، كما تفعل في جنوب لبنان، حيث تتصاعد التهديدات بـ"ثمن سيدفعه اللبنانيون"، ما يطرح المزيد من علامات الاستفهام حول مآلات حرب لم تحقّق عمليًا خلال نصف عام سوى تحويل غزة إلى مكان غير صالح للعيش، من دون أن تردع أهلها عن المقاومة بالفطرة، رغم الكلفة الباهظة، والتي لا يتحمّلها إنسان...

هدنة العيد.. "سقطت"؟

صحيح أنّ المفاوضات لإرساء التهدئة في غزة، والتي يتوقع أن تنعكس تلقائيًا على جبهة جنوب لبنان، لم تتوقف منذ أشهر، في ظلّ جهود "ماراثونية" يقوم بها الوسطاء، خصوصًا في دولة قطر، مع أدوار أساسيّة تلعبها كل من الولايات المتحدة ومصر، إلا أنّ الصحيح أنّها لم تثمر حتى الآن أيّ هدنة يُبنى عليها، فما سُمّيت بـ"هدنة رمضان"، ثمّ أضحت "هدنة نصف رمضان" ومن ثمّ "هدنة العيد"، كلّها بقيت مجرّد حبرٍ على ورق، ولم تبصر النور ولو جزئيًا.

حتى القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، من دون أن يصطدم بحاجز "الفيتو" الأميركي المعتاد، ودعا بموجبه إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وسط رهانات على أن يتحوّل وقفًا دائمًا للنار، بقي بدوره "حبرًا على ورق"، بعدما اصطدم بالتعنّت الإسرائيلي، الذي قد لا تكون مخالفة القرارات الدولية بالأمر الجديد على خطّه، ولا سيما أنّ تل أبيب تضرب بعرض الحائط كلّ القرارات والقوانين، مستندة بذلك إلى عدم وجود أي حسيب أو رقيب على أفعالها.

وعلى الرغم من الحديث الدائم عن مقترحات تُطرَح هنا أو هناك، وعن تقدّم يتحقّق ولو نسبيًا، تشير كلّ المعطيات المتوافرة إلى أنّ "التباعد في الرؤى" لا يزال يحول دون الوصول إلى الهدنة، ولا سيما أنّ الجانب الفلسطيني يتمسّك بمطلب وقف إطلاق النار، أو بضمانات تفضي إليه على الأقلّ، وهو ما يرفض الإسرائيليون في المقابل تقديمه، ربما لعجزهم عن "تسويقه" أمام الرأي العام الإسرائيلي، بغياب أي "إنجازات" تسمح بطيّ صفحة العدوان.

إلى متى؟!

على الرغم من هذه الصورة التي تبدو "متشائمة"، والتي قد تقود إلى استمرار الحرب لأشهر طويلة أخرى، وبالتالي إلى إطالة أمد "المأساة الإنسانية" التي تجاوزت حدود "الكارثة"، ثمّة من يراهن على أنّ إنهاء الحرب في غزة بات "مسألة وقت"، وأنّ استمرار المفاوضات من أجل التوصّل إلى هدنة دليل على وجود "رغبة" لدى الجانب الإسرائيلي بطيّ الصفحة، ولو أنه يبحث عن "مَخرَج ملائم"، يخفّف من وطأة انطباع "الهزيمة"، بشكل أو بآخر.

يقول العارفون إنّ حسابات واعتبارات عدّة تدفع إلى هذا الاعتقاد، من بينها الموقف الدولي الذي لم يعد مؤيّدًا "بالمطلَق" لآلة الحرب الإسرائيلية، كما كان في الأيام الأولى، حين تبنّت العديد من الدول الغربية للسرديّة الإسرائيلية بلا نقاش، بل أقرّت بما سُمّي بـ"حق" إسرائيل في "الدفاع عن النفس"، بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولو أنّ هذه السرديّة تجاهلت سنوات طويلة من الحصار الإسرائيلي الظالم، ومن الحروب "الموسمية" على القطاع الفلسطيني.

يلفت هؤلاء إلى أنّ الموقف الغربي بدأ يتغيّر، حيث باتت تُسمَع دعوات صريحة لوقف إطلاق النار، حتى إنّ بعض الدول باتت تعلن، تلميحًا أو جهارًا، استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويشمل هذا التغيّر في الموقف، ولو بصورة نسبية، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي يقول العارفون إنّها ما عادت قادرة على تحمّل "الضغط" الناتج عن استمرار الحرب، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، التي قد تكون "ثقيلة" على الرئيس الطامح لولاية أخرى.

يقول البعض إنّ الحديث عن "انتصار للمقاومة" في غزة لن يكون "سهل الهضم"، في ضوء الصور الكارثيّة للقطاع، الذي يجد سكانه أنفسهم بين قتل وتهجير وتشريد، لا حول ولا قوة لهم، وبينهم من يستشهد وهو يطلب المساعدة، أو نتيجة سوء التغذية. قد يكون هذا البعض محقًا في ذلك، لكنّ الأكيد أنّ المشكلة تبدو موازية في الجانب الإسرائيلي، فما تحقّق لم يكن الهدف من الحرب، ولا يمكن أن يكون، فإلى متى تستمرّ هذه المأساة؟!


عودة الى الصفحة الرئيسية