إختر من الأقسام
آخر الأخبار
'تجارة' المختبرات الى الضوء: فوضى و316 ألف ليرة لفحص 'كورونا'
'تجارة' المختبرات الى الضوء: فوضى و316 ألف ليرة لفحص 'كورونا'
المصدر : هديل فرفور - الأخبار
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ شباط ٢٠٢٤

أعلنت وزارة الصحة العامة، أمس، تسجيل حالة ثالثة مُصابة بفيروس «كورونا» كانت على متن الطائرة التي قدمت من إيران الإثنين الماضي. وبسبب الخشية من تزايد الإصابات في الأيام المُقبلة، في ظلّ «الإمكانات الكبيرة» لنقل العدوى التي يتمتّع بها الفيروس، تتجّه الأنظار نحو إجراءات «الاستنفار» التي ستتخذها السلطات المعنية تماشياً مع تفاقم الوضع، فيما بدأت تبرز «تجارة» الفحوصات المخبرية المخصصة لتشخيص الفيروس، إذ يروّج بعض المختبرات لتوافر الفحوصات «الدقيقة» لديه، في وقت تؤكّد فيه الجهات الرسمية المعنية أن مختبرات مُستشفى رفيق الحريري الحكومي هي المرجع الوحيد القادر على تقديم التشخيص الدقيق، علماً بأن أبحاثاً علمية أكدت أنّ العملية الصحيحة للاختبار «أمر بالغ الأهمية»، لتحديد النتائج بدقة، ما يحتّم على المعنيين الالتفات إليه لـ«ضبط» سوق المُختبرات.

تصل، منذ أيام، إلى هواتف بعض المُقيمين في لبنان، رسائل نصّية ترسلها مختبرات «تُحيط» أصحابها علماً بأن فحص فيروس «كورونا» الجديد (Covid - 19) متوافر، «والنتيجة خلال 24 ساعة».

في جولةٍ بسيطة على إعلانات هذه المختبرات، يتبيّن أن المعدّل الوسطي لكلفة فحص الـPCR المخصص لتشخيص الفيروس يُقدّر بنحو 316 ألف ليرة (الأسعار تراوح بين 283 ألف ليرة و350 ألفاً)، فيما لا يبدو واضحاً «مصدر» المعدّات والتجهيزات التي تستخدمها هذه المختبرات لإجراء التحاليل.
ممثلة مُنظّمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي أكّدت أنّ المُنظّمة لم تُزوّد أي جهة بمعدّات إجراء الفحص باستثناء مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، «بوصفه المرجع الوحيد لإجراء الفحوصات»، فمن أين أتت هذه التجهيزات؟

بحسب المعلومات، فإنّ عدداً من المختبرات عمد إلى استيراد أجهزة الفحص من هونغ كونغ «بالطرق القانونية وبترخيص من وزارة الصحة»، بحسب صاحب أحد المختبرات، لافتاً إلى أنّ مصدرها شركة BGI التي جهّزت مُستشفى الحجر الصحي الذي بنته السلطات الصينية في مدينة ووهان» مع بدء انتشار الفيروس الشهر الماضي، علماً بأن الشركة المذكورة حازت «موافقة طارئة» لمُنتجها، ما يدفع البعض إلى التشكيك في فعاليتها. وأوضح المصدر أن بعض المختبرات يتجّه حالياً إلى استيراد التجهيزات من إسبانيا.
وبمعزل عن مصدر تجهيزات الفحوصات، ثمّة تساؤلات جدّية ترتبط بجدوى نشوء هذه «التجارة» في ظروف مماثلة وبسبب تبعاتها الحسّاسة. فقبل يومين، حذّر رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون من «صعود» هذا السوق ومن الفوضى التي قد تنجم عنه، باعتبار أن هذا النوع من الفحوصات حسّاس جدّاً، «ويجب حصره بالمُستشفيات الجامعية أو بمستشفى رفيق الحريري الحكومي»، طالباً من وزارة الصحة الالتفات الى الأمر.

أمّا مكمن الخطورة الأساسي فيعود، وفق رئيسة دائرة المُختبر الطبي ريتا فغالي، إلى أمرين: الأول، إمكانية إعطاء نتائج مغلوطة، «إذ يقع الخطأ في التشخيص نتيجة حساسية الاختبار، وقد يتبيّن أن الشخص غير مُصاب فيما هو في الواقع مُصاب». والثاني يتعلّق بعدم جاهزية الطاقم الصحي والعاملين في المُختبرات للتعامل مع الفحص، لأن «ثمة خطراً على سلامة هؤلاء في حال لم يتم التخلّص من معدات الوقاية الفردية الطبية مثلاً (PPE)». لذلك، تشدّد فغالي على أهمية حصر إجراء هذا النوع من الفحوصات بمؤسسات وجهات مُحدّدة، و«ضرورة ضبطها من قبل وزارة الصحة».

ولعلّ ما يزيد من أهمية الحرص على التدقيق في التشخيص وحصر إجراء التحاليل بالمُستشفى الحكومي الذي يقوم باعتماد إرشادات مُنظّمة الصحة العالمية، «الشكوك» التي تُطرح «عالمياً» بشأن طبيعة الفحص نفسه، والذي يحتاج إجراؤه إلى كثير من الدقّة، بحسب ما تنقل مجلة «نيتشر» (NATURE) العلمية عن البروفيسور في كلية الصحة العامّة في جامعة هونغ كونغ ليو بون، «إذ لا تزال هناك حالات عدم يقين حول حركية إفراز الفيروس (...) وبالتالي فإن توقيت الاختبار قد يؤثر على النتيجة». كما أنه «من غير المؤكد حتى الساعة ما هي أفضل العينات التي يجب أخذها من المصابين ليتم التثبت من إصابتهم بالفيروس بشكلٍ قاطع وسريع ومن المرة الأولى (على سبيل المثال، عينات البلعوم الأنفي التي أخذت من المصابين قدمت نتائج أكثر دقة من عينات البلغم)».

هذه الوقائع تعني، عملياً، ضرورة إعادة الفحوصات التي تتم بشكل دوري في مُستشفى رفيق الحريري، نظراً إلى طبيعتها الحسّاسة، وهو أمر تُرجم فعلياً عبر إعادة الفحص لعدة مرضى في الحجر الصحي في المُستشفى.

فغالي أوضحت أن الفحص يتم حالياً للأشخاص الذين تظهر عليهم عوارض وتكون هناك شكوك قوية حول إصابتهم، «وعندما يتبين أن الفحص سلبي، نقوم بإعادته بعد 24 ساعة، للتأكّد»، مُشيرةً إلى أن اعتماد هذه الآلية في الفحص «غالباً ما تكون دقيقة».

وكانت وزارة الصحة العامة أعلنت، أمس، تسجيل حالة ثالثة مثبتة مخبرياً مصابة بفيروس كورونا المستجد، «لشخص إيراني من مواليد 1943، أتى إلى لبنان على متن الطائرة القادمة من إيران، والتي حطّت في مطار رفيق الحريري الدولي صباح الرابع والعشرين من الجاري»، مُشيرةً إلى أنه ««حالياً موجود في غرفة العزل وحالته مستقرة». وهذا ما ينبغي أن يرفع حالة «الاستنفار» عبر اتخاذ إجراءات مُشدّدة تتعلّق بالوقاية، بدءاً من إجراءات السفر وصولاً إلى التشدد في مسألة الحجر المنزلي لمن أتوا أخيراً من دول تشهد انتشاراً للفيروس.

مُستشفى رفيق الحريري الجامعي أصدر، أمس، تقريره اليومي بشأن مُستجدّات «كورونا»، مُعلناً وجود 12 حالة في الحجر الصحي، «علماً بأن نتائج الفحوص المخبرية التي أجريت لهؤلاء أتت سلبية»، لافتاً إلى أنه «استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 40 حالة في قسم الطوارئ المُخصّص لاستقبال الحالات المُشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المُستجد، خضعت كلها للكشوفات الطبية اللازمة، واحتاج 9 منها إلى دخول الحجر الصحي، استناداً إلى تقييم الطبيب المُراقب، فيما يلتزم البقية الحجر المنزلي».

«الصحة العالمية» تشحن 250 ألف جهاز
شحنت منظمة الصحة العالمية (WHO)، أخيراً، 250 ألف جهاز فحص من PCR من الصين إلى 159 مختبراً في أنحاء العالم، ومن ضمنها لبنان. وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان، إيمان الشنقيطي، يتوقع أن يصل الأسبوع المُقبل مزيد من الأجهزة من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية، منها (CDC) الأميركي الذي وزّع أجهزة PCR خاصة به تختلف عن تلك الصينية، على كل الولايات الأميركية، إضافة إلى 30 موقعاً دولياً. لكن مختبرات الولايات المتحدة كشفت عن مشكلة جودة في واحد من عناصر الاختبار المكوّن من ثلاثة أجزاء، وعلّقت رئيسة علم الفيروسات في مركز إراسموس الطبي في روتردام في هولندا، ماريون كوبمانز، بأن «هذا ما يحدث عندما تقوم بعمليات إنتاج كبيرة وبسرعة»!


عودة الى الصفحة الرئيسية