منصوري للمغتربين: لا يمكن إعادة الودائع كلّها
«توحيد أسعار الصرف في المصارف هو الحلّ الأساسي للأزمة النقدية»، هذه العبارة التي استخدمها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، أمام الأندية اللبنانية في واشنطن على هامش مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، توحي بأن توحيد أسعار الصرف في المصارف، يقع خارج نطاق مسؤوليته. لكنه لا يكتفي بذلك، بل يستخدمها للإسهاب في تحديد الخطوات التي تلي: «عند إرساء هذا الحلّ، يمكن الانتقال إلى تطبيق 4 ركائز: الحوكمة، الودائع والعلاقة بين المصارف والمودعين، المصارف والاقتصاد، إصلاح وإعادة بناء».في الكلمة التي ألقاها منصوري أمام المغتربين في أميركا، ينفض يديه من أيّ مسؤولية في التعامل مع المصارف. فالركيزة الأولى بعنوان «الحوكمة» تدفعه إلى القول أن لا سبيل للمحاسبة والمساءلة سوى القضاء، وأنه قدّم كل المستندات للقضاء. لكن بموجب المادة 10 من القانون 28/1967، هو مَن يرأس الهيئة المصرفية العليا التي تعدّ محكمة مصرفية ذات طابع متخصّص، وهو بصفته حاكماً لمصرف لبنان بيده صلاحيات لا تعدّ ولا تحصى منصوص عليها في قانون النقد والتسليف، يحيل المصارف بكل مخالفاتها وإفلاساتها إلى هذه الهيئة، وهو أيضاً الجهة التي تستقبل تقارير لجنة الرقابة على المصارف، وهو وحده يقرّر عرضها على المجلس المركزي لمصرف لبنان... هكذا يدور الحاكم في حلقة سلفه رياض سلامة الذي رفع شعار «استقرار الليرة».
ومن موقع الحياد أيضاً، يتحدث منصوري عن ركيزته الثانية لمرحلة ما بعد توحيد أسعار الصرف في المصارف، مشيراً إلى أن المصرف المركزي يعمل على «إيجاد حلّ متين لمشكلة الودائع». لكنه يكرّر القصة نفسها: العائق الأساسي هو حجم الودائع بالعملات الأجنبية البالغ 88 مليار دولار، أما ما لدى مصرف لبنان من دولارات (قيمتها توازي قيمة الودائع)، فقد اقترضتها الدولة وصرفتها. ثم يقدّم تعاميم مصرف لبنان كأنها خشبة خلاص، لأنها تسمح لجزء من المودعين بسحب جزء من أموالهم. وبرأيه أن «خطّة رئيس الحكومة (لإعادة الودائع) غير مجدية»، مشيراً إلى أنه سيضع خطّة بديلة تتطلب مواجهة المودعين بالواقع: «لا يفترض الكذب والقول إنه يمكن إعادتها كلها وفق سعر الصرف الحالي بل تدريجياً، ووفق قانون لضبط الرساميل وحركة نقل الأموال، وبسعر صرف أقلّ من سعر الصرف الحقيقي. لكن يبدو أن الحكومة متخوّفة من ابتلاع هذا الطبق المرّ والذي يقدّر بسبعين مليار دولار خوفاً من خسارة الأصوات الانتخابية».
ركيزته الثالثة، أنه لا يمكن النموّ بلا مصارف، لكن العائق ليس محصوراً بتوحيد سعر الصرف بل بضرورة تشريع حماية المصارف. إذ يقول إن المصارف «قادرة على الإقراض بالدولارات الفريش وفرض سداد الأقساط بالدولارات أيضاً، إنما هذه عملية قد تستغرق سنوات وقد يعجز المقترضون عن سداد متوجباتهم». بدا كأن منصوري يريد المصارف على بنيتها القائمة بلا إعادة هيكلة أو تقييم شامل للقطاع على أساس الوظيفة والدور بدلاً من أن يكون على أساس الحصّة والنفوذ السياسي والطائفي «لأن ذلك يؤدي إلى خسارة القطاع المصرفي القائم منذ عقود والذي يتمتع بمعرفة لا تقدر بثمن».
في الركيزة الرابعة، ينتقل الحاكم بالإنابة الى مناقشة الإصلاحات وإعادة بناء الدولة «التي لم تبن بعد مرور 5 سنوات على الأزمة». ويشير إلى وجود فيتو من المنظمات الدولية والجهات المانحة يحظر على الحكومة الحصول على تمويل إلا في حال تطبيق برنامج صندوق النقد. ويرى أن نقص التمويل يحول دون تنفيد الإصلاحات البنيوية الأساسية. إلا أنه يرى الحلّ الأفضل: «الشراكة بين القطاع العام والخاص»، أي الخصخصة بالمفهوم الأحدث.
وفي سياق آخر يتحدث عن الهيركات على الأرباح غير المشروعة وعن الودائع المؤهّلة بحسب التصنيف الحكومي وتلك غير المؤهّلة. ويشرح أن مصطلح «غير المؤهلة» فُهِم بشكل خاطئ وكأن صاحب الوديعة لن يحصل على وديعته، مؤكداً أن لا شطب لأيّ ودائع في الخطة الحالية كما في الخطة السابقة. وأعلن جهوزية مصرف لبنان لإجراء دراسة بالتعاون مع المصارف حول ما تتم مناقشته في البرلمان من شطب للأرباح المحققة من الفوائد العالية في حال طُلب منه ذلك.
تصنيف استثماري واجتماعي للودائع
تطرّق الحاكم بالإنابة وسيم منصوري إلى تصنيف الودائع بحسب تأثيرها الاجتماعي؛ فمن حوّل 20 مليون دولار إلى لبنان للاستفادة من الفوائد العالية، يمكنه أن ينتظر باعتباره مستثمراً وليس مودعاً. وسيجري التعامل مع هؤلاء على أساس أنهم ضليعون بالآليات المالية لاستعادة ودائعهم كالمساهمة في رساميل المصارف أو الحصول على سندات بدلاً من تقسيط أموالهم على دفعات صغيرة. لكن ثمة صعوبة لتقديم حلول مماثلة للأموال المتأتية عن تعويضات نهاية الخدمة بما يتراوح بين 100 ألف دولار و200 ألف دولار/ وهو ما ينطبق أيضاً على صناديق التقاعد. وبحسب الحاكم، هذا الأمر يتطلب تشريعاً في مجلس النواب.
منصّة بلومبرغ تأجّلت
ما يحصل على الجبهة الجنوبية أدّى إلى تأجيل إطلاق منصّة بلومبرغ وفق ما يقول وسيم منصوري. لكنه يشير إلى أن سبباً آخر لتأجيل المنصة يتعلق بأن «صندوق النقد لا يرى الوقت مناسباً اليوم لإطلاقها كونها تحدّد سياسة البلاد النقدية لعقود مقبلة». لذا، المخرج الوحيد الذي توصّل إليه الحاكم هو اجتماع أصحاب الشأن لوضع خطّة ناجحة تكلّل بإقرار القوانين. وقد تواصل مصرف لبنان مع كل القوى السياسية التي أعلنت موافقتها على فصل المسار النقدي عن الأمور الأخرى ودعمها لإجراءات «المركزي»، لكن هذا التأييد لم يترجم الى أفعال كما يختم.
ومن موقع الحياد أيضاً، يتحدث منصوري عن ركيزته الثانية لمرحلة ما بعد توحيد أسعار الصرف في المصارف، مشيراً إلى أن المصرف المركزي يعمل على «إيجاد حلّ متين لمشكلة الودائع». لكنه يكرّر القصة نفسها: العائق الأساسي هو حجم الودائع بالعملات الأجنبية البالغ 88 مليار دولار، أما ما لدى مصرف لبنان من دولارات (قيمتها توازي قيمة الودائع)، فقد اقترضتها الدولة وصرفتها. ثم يقدّم تعاميم مصرف لبنان كأنها خشبة خلاص، لأنها تسمح لجزء من المودعين بسحب جزء من أموالهم. وبرأيه أن «خطّة رئيس الحكومة (لإعادة الودائع) غير مجدية»، مشيراً إلى أنه سيضع خطّة بديلة تتطلب مواجهة المودعين بالواقع: «لا يفترض الكذب والقول إنه يمكن إعادتها كلها وفق سعر الصرف الحالي بل تدريجياً، ووفق قانون لضبط الرساميل وحركة نقل الأموال، وبسعر صرف أقلّ من سعر الصرف الحقيقي. لكن يبدو أن الحكومة متخوّفة من ابتلاع هذا الطبق المرّ والذي يقدّر بسبعين مليار دولار خوفاً من خسارة الأصوات الانتخابية».
ركيزته الثالثة، أنه لا يمكن النموّ بلا مصارف، لكن العائق ليس محصوراً بتوحيد سعر الصرف بل بضرورة تشريع حماية المصارف. إذ يقول إن المصارف «قادرة على الإقراض بالدولارات الفريش وفرض سداد الأقساط بالدولارات أيضاً، إنما هذه عملية قد تستغرق سنوات وقد يعجز المقترضون عن سداد متوجباتهم». بدا كأن منصوري يريد المصارف على بنيتها القائمة بلا إعادة هيكلة أو تقييم شامل للقطاع على أساس الوظيفة والدور بدلاً من أن يكون على أساس الحصّة والنفوذ السياسي والطائفي «لأن ذلك يؤدي إلى خسارة القطاع المصرفي القائم منذ عقود والذي يتمتع بمعرفة لا تقدر بثمن».
في الركيزة الرابعة، ينتقل الحاكم بالإنابة الى مناقشة الإصلاحات وإعادة بناء الدولة «التي لم تبن بعد مرور 5 سنوات على الأزمة». ويشير إلى وجود فيتو من المنظمات الدولية والجهات المانحة يحظر على الحكومة الحصول على تمويل إلا في حال تطبيق برنامج صندوق النقد. ويرى أن نقص التمويل يحول دون تنفيد الإصلاحات البنيوية الأساسية. إلا أنه يرى الحلّ الأفضل: «الشراكة بين القطاع العام والخاص»، أي الخصخصة بالمفهوم الأحدث.
وفي سياق آخر يتحدث عن الهيركات على الأرباح غير المشروعة وعن الودائع المؤهّلة بحسب التصنيف الحكومي وتلك غير المؤهّلة. ويشرح أن مصطلح «غير المؤهلة» فُهِم بشكل خاطئ وكأن صاحب الوديعة لن يحصل على وديعته، مؤكداً أن لا شطب لأيّ ودائع في الخطة الحالية كما في الخطة السابقة. وأعلن جهوزية مصرف لبنان لإجراء دراسة بالتعاون مع المصارف حول ما تتم مناقشته في البرلمان من شطب للأرباح المحققة من الفوائد العالية في حال طُلب منه ذلك.
تصنيف استثماري واجتماعي للودائع
تطرّق الحاكم بالإنابة وسيم منصوري إلى تصنيف الودائع بحسب تأثيرها الاجتماعي؛ فمن حوّل 20 مليون دولار إلى لبنان للاستفادة من الفوائد العالية، يمكنه أن ينتظر باعتباره مستثمراً وليس مودعاً. وسيجري التعامل مع هؤلاء على أساس أنهم ضليعون بالآليات المالية لاستعادة ودائعهم كالمساهمة في رساميل المصارف أو الحصول على سندات بدلاً من تقسيط أموالهم على دفعات صغيرة. لكن ثمة صعوبة لتقديم حلول مماثلة للأموال المتأتية عن تعويضات نهاية الخدمة بما يتراوح بين 100 ألف دولار و200 ألف دولار/ وهو ما ينطبق أيضاً على صناديق التقاعد. وبحسب الحاكم، هذا الأمر يتطلب تشريعاً في مجلس النواب.
منصّة بلومبرغ تأجّلت
ما يحصل على الجبهة الجنوبية أدّى إلى تأجيل إطلاق منصّة بلومبرغ وفق ما يقول وسيم منصوري. لكنه يشير إلى أن سبباً آخر لتأجيل المنصة يتعلق بأن «صندوق النقد لا يرى الوقت مناسباً اليوم لإطلاقها كونها تحدّد سياسة البلاد النقدية لعقود مقبلة». لذا، المخرج الوحيد الذي توصّل إليه الحاكم هو اجتماع أصحاب الشأن لوضع خطّة ناجحة تكلّل بإقرار القوانين. وقد تواصل مصرف لبنان مع كل القوى السياسية التي أعلنت موافقتها على فصل المسار النقدي عن الأمور الأخرى ودعمها لإجراءات «المركزي»، لكن هذا التأييد لم يترجم الى أفعال كما يختم.