اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

التعميم 170... ضربة مصرفيّة لـ "القرض الحسن"؟

صيدا اون لاين

وسط محاولات يائسة للخروج من تداعيات اللائحة الرمادية، أصدر مصرف لبنان التعميم رقم 170 في خطوة تُعدّ، نظريًا، محاولة لضبط فوضى المؤسسات المالية غير الشرعية. لكن الواقع يشير إلى ما هو أبعد من ذلك. استهداف مباشر ومقصود لجمعية "القرض الحسن"، الذراع المالية لـ "حزب الله"، التي لطالما عملت ككيان مصرفي موازٍ، منفلت من الرقابة، ويشكّل خرقًا فاضحًا لسيادة الدولة المالية. فوجودها لم يكن مجرّد التفاف على القوانين، بل تجسيد حيّ لاقتصاد موازٍ محمي بالسلاح، يتحرّك خارج مؤسسات الدولة ويقوّض ما تبقّى من نظام مصرفي رسمي منهك.

وفي مقابلة خاصة لموقع mtv، اعتبر الأكاديمي والباحث في الشؤون الاقتصادية والمالية جهاد الحكيّم أنّ التعميم "خطوة تنظيمية متأخرة ذات طابع تجميلي أكثر منه إصلاحي"، لافتًا إلى أنّ "الجمعية كانت تمارس أساسًا مهنة منظّمة من دون ترخيص، في ظل تواطؤ رسمي وصمت طويل عن مخالفات موثقة".
وأشار الحكيّم إلى أن "التوقيت والمضمون يحملان رسائل سياسية للخارج أكثر منها نيّات إصلاحية داخلية، خصوصًا في ظلّ الضغوط الدولية المتزايدة على لبنان"، مضيفًا أنّه "من غير المرجّح أن يحدّ التعميم وحده من نشاط الجمعية التي لا ترتبط بالنظام المصرفي الرسمي"، بل ترتبط بحزب يمتلك قدرة على فرض أمر واقع بقوة السلاح.
وشدّد على أنّ "غياب الشفافية وآليات الرقابة يجعل من تتبّع مصير الأصول شبه مستحيل، ولا يبدو أن هناك حاليًا قدرة تنفيذية حقيقية لملاحقة هذه الضمانات"، مضيفًا أنّ "المطلوب هو تحرك فعلي من القضاء، لأن مصرف لبنان لا يمتلك وحده أدوات الردع والتنفيذ الكافية".

واعتبر الحكيّم أنّ "التعميم يُقرأ كخطوة تجميلية محدودة، لا ترقى إلى مستوى الاستجابة المطلوبة من المؤسسات المالية الدولية. فإخراج لبنان من اللائحة الرمادية يتطلب إصلاحات بنيوية عميقة، لا مجرّد خطوات شكلية".
وأكّد أنّ "مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لا تكون عبر تعاميم فقط، بل عبر تفكيك الاقتصاد النقدي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وبدون ذلك ستبقى خطوات مصرف لبنان غير مجدية".
وختم قائلا: "القرار لا ينفصل عن سياق الضغوط الأميركية والدولية، وقد يكون محاولة استباقية لتقديم إشارات سياسية إيجابية من دون معالجة الأسباب العميقة للمشكلة".

وكان الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان، توم باراك علّق على القرار الأخير، واصفاً إياه بـ "الخطوة الإيجابية" لضبط تمويل ميليشيات "حزب الله" عبر "القرض الحسن"، مشيداً بتوحيد الوساطة المالية تحت إشراف مصرف لبنان.
وفي ضوء هذا التباين في المواقف، يتأكد مرة جديدة أنّ غياب القرار السياسي الجدي هو ما يتيح لـ "القرض الحسن" وسواها من المؤسسات الخارجة عن النظام المالي الرسمي الاستمرار بمنأى عن أي محاسبة أو رقابة فعلية. فلو توفرت إرادة إصلاح حقيقية، لما اكتفت السلطات بتعميم موجّه إلى المصارف، بل كانت بادرت إلى اتخاذ خطوات جذرية تبدأ بشطب "العلم والخبر" من سجلّ الجمعيات. وهكذا، تبقى الجمعية تعمل ككيان مالي مغلق، منفصل عن المنظومة المصرفية اللبنانية، ومحميّ بشبكة نفوذ تمنع الدولة من الاقتراب منه.

تم نسخ الرابط