'كورال منتدى سبعين'.. صوت المدينة وإيقاع الحياة

في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، التي لا تخلو من نبض الفنون وروح الإبداع، يبرز "كورال منتدى سبعين" كواحد من أهم المشاريع الثقافية والموسيقية التي استطاعت أن تجمع محبي الغناء الجماعي من النساء في تجربة فريدة تفيض بالإنسانية والجمال الفني.
تأسس الكورال بدعم من "منتدى سبعين"، الذي سعى منذ انطلاقه إلى إحياء المشهد الفني والثقافي في المدينة، عبر برامج فنية وتربوية تهدف إلى تعزيز الوعي الموسيقي وتنمية المواهب المحلية، وجمع بين أصوات من مختلف الأعمار والخلفيات، توحدهم لغة الفن والموسيقى.
وليد العاصي مؤسس "منتدى سبعين" وصاحب فكرة الكورال يقول: "مدينة صيدا كانت منذ أكثر من خمسين سنة تحوي عدداً كبيراً من المنتديات الفنية والثقافية وغيرها، لكنها انقرضت بسب التدخلات والولاءات السياسية".
يضيف، "قررت أن أعود لإحياء هذه الظاهرة وأسست "منتدى سبعين" تيمناً بسنّي، حيث بلغت 70 عاماً من عمري، وهو مساحة حرّة ويستقطب كل المواهب الفنيّة من الأطياف كافّة، واستطعنا أن نؤسس نادي المسرح، السينما، الرسم، والموسيقى بالإضافة إلى نادي المطالعة".
أما عن فكرة تأسيس الكورال، فيقول العاصي: "لاحظت عندما كنّا نذهب في رحلات أن هناك مجموعة تجلس في آخر الحافلة وتغني، ومن هنا بدأت الفكرة، حيت تم استقبالهم في المنتدى، وبعد جلستين من الغناء زاد العدد، وصار يرتفع عدد المشاركات مع الأيام، ومن أجل تعزيز هذه الحالة الجديدة اتصلت بالمعهد العالي للموسيقى(الكونسرفتوار) للاستفسار حول كيفية تطوير هذه الفكرة، وقدموا لي نصيحة بأن يقود هذا الكورال أساتذة مختصين من المعهد، لتدريبهم وصقل موهبة المشاركات في الكورال، وبدأ الفنان لبنان عون بتدريبهم بمرافقة عدد من الموسيقيين".
يلفت إلى أنه "لاحظنا أن العديد من السيدات يرغبن في صنع الأجواء الفنيّة، والمشاركة من ضمن فريق الكورال، حتى صار العدد حوالي 56 مشاركة في الكورال يلتقين كل أسبوع للتدريب، وشارك الكورال في أمسيات عدّة داخل وخارج مدينة صيدا".
يؤكد العاصي أن "الكورال لا يتقاضى أي بدل مالي من خلال مشاركته في الأمسيات أو الحفلات، لأن هدفه الأساسي ليس مادياً، بل وحتى المشاركين في الكورال هم من يؤمنون أجرة النقل للحافلة التي تقلّهم إلى مكان الحفل".
ويؤدي الكورال باقة واسعة من الأعمال التي تتنوع بين الأغاني التراثية اللبنانية والعربية والأعمال الحديثة التي تعبّر عن قضايا المجتمع وهموم الشباب، حيث ينجح دائماً في ترك أثر عميق لدى الجمهور من خلال الأداء المتقن والتوزيع الصوتي المتناغم.
تقول إحدى المشاركات في الكورال: "الغناء الجماعي منحنا شعوراً بالانتماء والتعاون، وفتح لنا أبواباً للتعبير عن أنفسنا بطريقة راقية ومسؤولة، لأن الفن قيمة تربوية وثقافية، لا مجرد ترفٍ أو هواية".
وبين نغمٍ وآخر، يثبت "كورال منتدى سبعين" أن الفن قادر على أن يكون جسراً للتواصل، ورسالة للسلام، وصوتاً يعكس هوية المدينة وذاكرتها. فصيدا، التي طالما كانت منبراً للحياة والتجدد، وجدت في هذا الكورال مرآةً لأحلامها وطموحات شبابها".

