بين تعديل القانون وعدمه: ما الدور الوظيفي للإنتخابات المقبلة؟!
بعد قرار مقاطعتها الجلسات التشريعية، تعمل القوى المؤيدة لمسار تعديل قانون الإنتخاب على تفعيل الإتصالات، من أجل دفع مجلس الوزراء إلى إقرار مشروع قانون بهذا الصدد، إنطلاقاً من مشروع القانون المعجل الذي كانت قد أرسلته وزارة الخارجية والمغتربين، حيث كانت لافتة الزيارة التي قام بها وفد منها إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون، أول من أمس، على إعتبار أن دوره أساسي في هذا المجال.
في المقابل، لا تزال القوى الداعية إلى تطبيق القانون النافذ، لناحية تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، مُصرة على رفض إدخال أي تعديل عليه، خصوصاً أنها تدرك أن هذا الأمر لا يصب في صالحها، بسبب عدم قدرتها على التحرك في الكثير من دول العالم، إلا أن الجديد، في هذا السياق، دخول العديد من الجهات المؤثرة على خط هذا الصراع، أبرزها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، الذي أعطى، قبل أيام، موقفاً مؤيداً لخيار التعديل.
في هذا السياق، ترى مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن الأساس في مقاربة المسألة البحث في الوظيفة المطلوبة من هذه الإنتخابات، التي وضعت الكثير من الرهانات، منذ أشهر، على أنها ستكون مفصلية، من منطلق أنها قد تكرس توازنات جديدة، عنوانها الأساسي تراجع حضور "حزب الله"، ولذلك بات ينظر إلى تصويت المغتربين على أنه قد يؤدي دوراً بارزاً في هذه المهمة.
بناء على ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن من الطبيعي أن يكون الحزب، بالإضافة إلى العديد من الأفرقاء الآخرين، ضد أي تعديل من هذا النوع، حيث لا يمكن لأي فريق، قبل أشهر من الموعد المفترض لفتح صناديق الإقتراع، أن يذهب إلى تأييد تعديل يدرك أنه لا يصب في صالحه، ولذلك بات يحظى هذا الصراع بأهمية كبرى في النقاشات الدائرة، خصوصاً بعد أن كان المبعوث الأميركي توم براك قد ألمح، قبل أيام، إلى أهمية هذا الإستحقاق.
حتى الآن، لا يزال الخيار الأكثر ترجيحاً هو إلغاء تصويت المغتربين، أي العودة إلى ما كان معمولاً به قبل العام 2018، بالرغم من أن هناك مجموعة واسعة من الأفرقاء ترفض ذلك، لكن البحث الجدي لن يكون قبل حسم مسألة إمكانية تمرير مشروع القانون، الذي يقترح التعديل، في مجلس الوزراء، من منطلق أن هذا المشروع، يعطي الحق لرئيس الجمهورية، بعد مضي 40 يوماً من طرحه على المجلس النيابي وتلاوته دون البت به، أن يُصدر مرسوماً بتنفيذه بعد موافقة مجلس الوزراء.
هنا، قد يكون من الطبيعي السؤال عن خيارات القوى المعارضة لتعديل القانون، في حال تم تمرير المشروع في مجلس الوزراء، على إعتبار أنها بدورها تعتبر أن هذا الإستحقاق مصيري، حيث يبرز خيار أن يبادر هذا الفريق إلى تعطيل طرحه في المجلس النيابي، حيث تكفي مقاطعة النواب الشيعة لمنع إنعقاد الجلسة، لكن الأهم، بالنسبة إلى المصادر السياسية المتابعة، يبقى السؤال عن الدور الوظيفي لهذا الإستحقاق، فهل من الممكن أن يقود إلى تغيير كبير في التوازنات؟.
منذ إقرار القانون النافذ، من وجهة نظر هذه المصادر، كان الجميع يدرك أنه يحسم نتيجة غالبية المقاعد النيابية، حيث من الممكن، في كل دائرة إنتخابية، معرفة كيفية توزيع غالبية المقاعد على اللوائح المتنافسة، في حين تنحصر المعاركة، في كل منها، بعدد قليل، لا يتجاوز في معظمها المقعد الواحد أو المقعدين، لكن في المقابل، هناك من يضع عناوين لهذه المعركة، قد يكون أهمها السعي إلى كسر احتكار الثنائي الشيعي المقاعد المخصصة للطائفة، بالرغم من أن هذا العنوان قد يساعده على تحصينها أكثر.
في مطلق الأحوال، تعتبر المصادر نفسها أن مثل هذا العنوان لا يتوقف فقط على رغبة الأفرقاء المحليين، بل يتطلب البحث عن موقف القوى الخارجية المؤثرة، خصوصاً أن مسألة تصويت المغتربين عندها تصبح تفصيلاً، حيث إنها تملك القدرة على توفير الأموال من أجل نقلهم إلى لبنان، في حال رأت أن المسألة تستحق ذلك، بينما إستمرار السجال حول تصويت المغتربين، يبقى الأبواب مفتوحة أمام "تطيير" الإستحقاق برمته، الذي قد يتقدم على خيار الذهاب إلى الإنتخابات، في حال وجدت تلك القوى مصلحة لها في ذلك، لا سيما أن لديها أولويات تتعلق بملفي السلاح والإصلاحيات المالية.