الانتخابات النيابية معلقة على حبال الارجاء او الالغاء وشكوك حول حصولها
تلوح في الأفق اللبناني انتخابات نيابية مفصلية في عام 2026، إلا أنها تحاط بالعديد من التحديات والمخاوف التي قد تعصف بفرص إجرائها في موعدها الدستوري. فمن جهة، تتصاعد الخلافات الداخلية بين القوى السياسية حول ملفات شائكة، ومن جهة أخرى، يلقي التوتر الأمني والتهديدات الخارجية بظلاله الثقيلة على المشهد، مما يثير تساؤلات حول إمكانية تأجيلها أو حتى إلغائها.
يُعدّ ملف انتخاب اللبنانيين المقيمين في الخارج أحد أبرز نقاط الخلاف التي تثير انقساماً حاداً في البرلمان. ففي حين يصر "الثنائي الشيعي" وبعض حلفائه على صيغة معيّنة، تقف قوى أخرى في الجهة المقابلة وتطالب بتعديلات تشريعيّة تراها ضرورية لضمان تمثيل عادل للمغتربين. وتتعدّد أسباب هذا الانقسام بين اعتبارات سياسية ومصالح شخصية، حيث يسعى كل طرف لضمان أكبر عدد ممكن من الأصوات التي قد تؤثر بشكل حاسم على النتائج النهائيّة، ما يضع هذا الملف في قائمة الخلافات التي تُعيق التوافق على إطار انتخابي واضح وموحد. كما يشكّل احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ ضربات عسكرية كبيرة، أحد أبرز المخاوف التي تثيرها الأوساط السياسية في لبنان.
ففي ظل الالتزام الدستوري بالمهل الزمنية للانتخابات وإعطاء الأولوية لإقرار الموازنة، سيكون من الصعب على المجلس النيابي ايجاد الوقت الكافي للاجتماع والاتفاق على اتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات في حال طرأ حدث امني كبير او غيره.
وتُغذّي هذه المخاوف الشكوك حول قدرة الدولة على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في ظل أجواء من التوتر الأمني وعدم الاستقرار، مما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات أخرى تتضمن تمديداً للولاية النيابية الحالية أو حتى تأجيلاً مفتوحاً للانتخابات، ناهيك عن مسألة البطاقة الممغنطة والكلام عن استبادالها بـQR Code وهو امر يتفق الجميع على انه فقط كلام جميل لا يمكن تطبيقه على ارض الواقع حالياً.
وفي خضم هذا التضارب الطائفي والدستوري والقانوني، يبرز الكلام عن تقرير اعدته لجنة تم تشكيلها عام 2017، تطرقت بالتفصيل لكل المشاكل والعقبات التي تعترض اقتراع المنتشرين في الخارج، واعطت اقتراحات وحلولاً قابلة للدرس، وفق ما صرح به احد اعضائها البارزين وهو المدير العام السابق للاحوال الشخصية العميد المتقاعد الياس الخوري. وهذا التقرير، وفق ما ذكر الخوري، لم يصل الى الجهات المعنية، اذ لم يرفعه وزير الداخلية والبلديات السابق الى الحكومة وبالتالي لم يؤخذ به، علماً انه كان من شأنه توفير الكثير من الوقت والجهد في حال الاستفادة منه، إذ يتضمن دراسات واستنتاجات يمكن أن تساهم بشكل كبير في تسريع عملية التحضير للاستحقاق الانتخابي. وهذه "الخطيئة" وقعت فيها الحكومة الحالية التي غضت النظر عن التقرير الذي كان من الممكن اعتباره اساساً لدراسة كل المشاكل المتعلقة بملف المنتشرين في الخارج، واخذ ما يمكن اعتباره مفيداً والبحث في ما يمكن اعتباره غير قابل للتنفيذ او تعديل ما يجب تعديله.
تعزّز التغييرات المتوقعة في مواقف القوى السياسية الداخلية، من ضمنها التغييرات المحتملة داخل حزب الله وغيره من الاحزاب والقوى، من فرضية القبول الضمني بتأجيل الانتخابات. فالتغييرات في التحالفات السياسية وتوازن القوى قد تدفع بعض الأطراف، حتى تلك التي تُعارض علناً التأجيل، إلى القبول به كحلّ لتفادي نتائج انتخابية غير مرغوبة. هذا الواقع السياسي المرتبك والمتقلب يفتح الباب أمام تفاهمات خلف الكواليس قد تؤدي إلى تعطيل المسار الانتخابي، مما يرسّخ ثقافة التأجيل التي أصبحت سمة مميزة للحياة السياسية اللبنانية.
تشير كل هذه العوامل إلى أن طريق الانتخابات اللبنانية 2026 محفوف بالمخاطر والتحديات. فبين الخلافات السياسية حول قانون الانتخاب، والتهديدات الأمنية التي قد تبرر تأجيلها، وإهمال التحضيرات اللوجستية، والتغييرات في مواقف القوى السياسية، يبدو مصير هذا الاستحقاق معلقاً بين إرادة قوى الداخل وتطورات المنطقة. وفي ظل هذه الظروف، تبقى هذه الانتخابات معلقة على خبال الهواء (الامني والسياسي والقانوني...)، مع تزايد المخاوف من أن يواجه مصيراً مشابهاً لتجارب التأجيل السابقة، او فتح باب التمديد...