فتور غير مسبوق بالعلاقة بين عون وسلام ومخاوف غربية من الضغط الأميركي على لبنان
أكّدت مصادر متابعة لصحيفة "الأخبار"، أنّ "العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بلغت مستوى غير مسبوق من الفتور، مشيرة إلى غياب سلام عن افتتاح مؤتمر "بيروت 1" إلى جانب عون، وحضوره لاحقاً فقط في الجلسة الختامية، ما اعتُبر مؤشراً إضافياً إلى حجم التوتر القائم بينهما.
وبحسب "الأخبار"، فقد اتّسمت العلاقة بين عون وسلام بحالة مدّ وجزر منذ تسلّمهما السلطة، وقد برزت بينهما تباينات في مقاربة عدد من الملفات، آخرها قضية صخرة الروشة التي تسبّبت بتوتر كبير، خصوصاً أن سلام يعتبر أن رئيس الجمهورية دفعه إلى التراجع أمام حزب الله. ورغم توصّلهما إلى "تخريجة" مشتركة بشأنها، إلا أن آثار الحادثة لا تزال واضحة على مسار علاقتهما، في وقت يواصل رئيس الحكومة السعي لترسيخ موقعه كمرجعية أساسية في الداخل والخارج، في موازاة دور رئيس الجمهورية".
وأضافت "كان لافتاً أن رئيس الحكومة لم يُبدِ انزعاجاً من الإجراءات الأميركية التصعيدية الأخيرة ضد قائد الجيش العماد رودولف هيكل، والتي انعكس جزء منها على موقع الرئيس عون نفسه".
إلى ذلك، أشارت صحيفة "الأخبار"، إلى أنّ "السياسات الأميركية تجاه لبنان، خصوصاً إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودلف هيكل التي كانت مُقرّرة لواشنطن، تراكم المخاوف الغربية المتزايدة من سياسات الضغط الأقصى الأميركية، والتي باتت ترى فيها خطراً على لبنان بأكمله".
وكشفت الصحيفة: "يفهم الأوروبيون أن الاعتراض الأميركي على بيان الجيش اللبناني الأخير، وهو الذريعة التي اتخذها الأميركيون للتصعيد في وجه هيكل ومن خلفه الرئيس جوزاف عون، ليس إلّا رأس جبل الجليد في الضغوط المُرتقبة على لبنان، والتي برأي أكثر من مصدر أوروبي، ستزيد الأمور تعقيداً بدل حلحلتها، إذ إن بيان الجيش لم يقل ما لم يقله بيان اليونيفل قبل أيام عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة".
وأضافت: "يقرأ بعض الأوروبيين أيضاً بأن التلويح الأميركي بأفضلية استقالة قائد الجيش، سيشكّل الضربة القاصمة للمؤسسة العسكرية، ولعهد الرئيس عون الذي لم يكمل بعد عامه الأول في حال تحوّل التلويح إلى قرار، إذ إن الانصياع للإشارات الأميركية الفاقعة، والتعامل معها كأوامر، يُضعِفان موقف المؤسسة العسكرية أمام غالبية اللبنانيين، ويفتحان باب القلاقل داخل الجيش، وينعكسان سلباً على عون إذا فشل في حماية القائد الذي سمّاه والجيش الذي قاده لسنوات، وعلى نواف سلام الذي لم تنجح حكومته بعد في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة أوروبياً ودولياً".
إسرائيل "تصرّ على تسخين الأجواء"
إلى ذلك، كشف مصدر سياسي لصحيفة "الشرق الأوسط" عن أن "قضم إسرائيل للأراضي اللبنانية لم يلق رد فعل من هيئة الرقابة الدولية، فيما وجّهت انتقادها لقيادة الجيش على خلفية رفضها القيام بعمليات دهم للمنازل الواقعة في جنوب الليطاني بحثاً عن السلاح ومصادرته، بذريعة حرصها الشديد على احترام حرمتها وعدم الدخول إليها إلا بناء على إشارة من القضاء المختص".
وقال المصدر السياسي لـ"الشرق الأوسط"، إن "إسرائيل تصرّ على تسخين الأجواء، ربما استعداداً لتوسعة الحرب مع بدء مطلع العام المقبل، بذريعة أن نهاية العام الحالي هي آخر مهلة لتطبيق حصرية السلاح، ما يشكّل قلقاً لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واضطراره لإيفاد مستشارته آن كلير لوجاندر إلى بيروت، وهذا ما أبلغته لقيادة حزب الله باستقبالها مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب عمار الموسوي".
ورأى المصدر أن "تصعيد الحملة الأميركية على الجيش، وإن كان يأتي بالشكل في سياق رفض قائد الجيش العماد هيكل دهم المنازل بحثاً عن سلاح حزب الله من دون العودة للقضاء المختص، فإن واشنطن ترمي بكل ثقلها للضغط على المؤسسة العسكرية لإحداث تغيير".
وأكد أن "واشنطن تضغط على لبنان للدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل لتطبيع العلاقات، وهذا ما شدد عليه الوسيط الأميركي توم براك في لقاءاته".
وكشف المصدر عن أن "التبدّل في الموقف الأميركي لإلزام إسرائيل بوقف الأعمال العدائية التي التزم بها لبنان من جانب واحد، جاء بعد دخول عضو مجلس الشيوخ الأميركي المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليندسي غراهام، على خط الاتصالات اللبنانية - الأميركية إلى جانب براك ومورغان أورتاغوس".
وضمن هذا السياق، أكّد مسؤول لبناني رفيع لصحيفة "الجمهورية"، على "صعوبة المرحلة، التي تتبدّى من جهة في إحجام القوى الدولية الكبرى عن إخراج لبنان من دائرة الاحتمالات المفتوحة، ومن جهة ثانية، في الضوء الأخضر الدولي المعطى لإسرائيل بإبقاء لبنان مستباحاً لعدوانيتها، ومن جهة ثالثة، في المحاولة الإسرائيلية الحثيثة لجرّ لبنان إلى مفاوضات مباشرة تفرض عليه وقائع سياسية وأمنية تمسّ كرامته وسيادته وجغرافيته، أسوأ من التطبيع، بل تتجاوز هذا التطبيع إلى الاخضاع الكامل".