"فطور" مقابله "صاروخ" قرب لبنان.. إسرائيليون يعلنون: "خسرنا الشمال"!
نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن رئيس المجلس الاستيطاني في مستوطنة نهاريا، رونين مارلي، تأكيده أن وابل الصواريخ والطائرات المسيّرة التي تُطلق من لبنان، يُعَدّ "أكبر كارثة عرفتها إسرائيل منذ قيامها".
وفي مقابلة إذاعية، قال مارلي: "هذا الروتين المجنون مستمر، وأنا أعتقد أن البلاد في طريقها لخسارة الجليل".
وأضاف: "إذا لم تقم بعمل، سنخسر الجليل، سواء على مستوى إعادة المستوطنين إلى منازلهم أو على مستوى الأمن. لا يمكنك الاستمرار في العيش هكذا".
وتابع: "بصفتي رئيساً لبلدية نهاريا لا يمكنني الشكوى، ما زلنا على قيد الحياة، ولكن بطريقة مجنونة".
"النار على مرغليوت روتينية"
بدوره، رئيس المجلس الاستيطاني في "مرغليوت"، إيتان دافيدي، أكد أن "من يدير الحدث هنا هو أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله"، وقال: "نحن نلتزم بالوتيرة التي يحددها لنا نصرالله، فهو يطلق النار، ونحن حينها نطلق النار، وإذا لم يفعل لا نطلق النار".
وفي مقابلة مع القناة "الـ14" الإسرائيلية رأى دافيدي أنّ إطلاق النار على مرغليوت أصبح أمراً روتينياً، وأن الجيش الإسرائيلي لا يدير الحدث بقرار من الكابينت والحكومة الإسرائيلية، و"يترك حزب الله يفعل ما يريد".
"هآرتس" تزور مستوطنات حدودية: "أرض مهجورة"
في هذا السياق، أتى التقرير الميداني الذي أعدّته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، بعد زيارتها 10 مستوطنات على طول الحدود مع لبنان، تحت عنوان "يخسرون الشمال"، لتخلص أنّ المستوطنات بمثابة أرض مهجورة منذ 9 أشهر، وأنّ التحرك على طول الحدود يبدو كعودة بالزمن، و"يذكّر بحرب لبنان الثانية، وربما حتى الأولى".
ونقلت "هآرتس" عن عضو في "مجموعة التأهب" في مستوطنة كفر جلعادي، قوله إن الطريق من مفترق كفر جلعادي إلى المطلة مرئي تماماً من لبنان، والهدف المتحرّك على الطريق مكشوف كلياً، مشيراً إلى أن الأمر "مثل روليت روسية تصبح خطيرة كلّما توجهنا شمالاً"، قبل أن يضيف: "من هذه اللحظة مصيرك مرهون بقرار نصرالله".
وأضاف المصدر لـ"هآرتس": "إذا أخطأت القذيفة المدفعية السيارة المتحركة هناك، ستؤدي غالباً إلى حرائق تلتهم دونمات من المحميات. هذا روتين".
المطلّة.. الضرر الأكبر بين المستوطنات
وشبّهت الصحيفة مستوطنة المطلة بـ"شبه جزيرة محاطة بلبنان من 3 جهات هي الشمال والشرق والغرب"، معتبرةً أنها حظيت خلال هذه الحرب بتوصيف مريب، وبأنها المستوطنة الحدودية التي تلقت الضرر الأكبر.
وبحسب معطيات المجلس المحلي، فمن أصل ما يقارب 600 وحدة سكنية في "المطلة"، تضرّرت قرابة الأربعين وحدة بنيران الصواريخ "ضد الدروع"، فضلاً عن مئتي وحدة إضافية تضرّرت من جرّاء الشظايا والعصف.
"كريات شمونة".. مدينة أشباح لا تغادرها رائحة الحرائق
"شهرٌ مرّ تقريباً منذ أن التهمت نيران ضخمة 8 آلاف دونم في سلسلة جبال راميم، لكن رائحة الحرائق لا زالت تنبعث في الجو، وتأبى مغادرة كريات شمونة الواقعة على سفوحها". بهذه العبارات افتتحت الصحيفة حديثها عن المستوطنة التي تحولت إلى "مدينة أشباح"، مشيرةً إلى إطفاء إشارات السير لتمكين السائقين من المسارعة في الفرار والاختباء فور تشغيل صفارات الإنذار.
وتوقفت الصحيفة عند تضرر مقر غرفة العمليات البلدية، التي تنطلق منها "مجموعة التأهب" إلى أماكن سقوط القذائف، بصاروخ "كاتيوشا" في حرب لبنان الأولى، مشككةً بإمكانية ترميمها قريباً.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ تصنيف كريات شمونة كمستوطنة غير حدودية، لم يعفِها من استهدافها بالصواريخ، متحدثةً عن 700 قذيفة صاروخية، ألحقت أضراراً بما يقارب 1000 بيت وشقة ومركبة.
وأشارت "هآرتس" إلى أنّ المركز التجاري الذي يتواجد الجيش الإسرائيلي في ساحته، يبدو كما لو أنّ الزمن توقف عنده، حيث تتطاير أكوام من الأوراق اليابسة في كلّ مكان، بينما الجدران تقشرت والمتاجر أغلقت، وحتى صالون الحلاقة مغلق.
وتوقفت الصحيفة بسخرية عند نمو النباتات في المساحات المفتوحة إلى حد خروجها عن السيطرة، معتبرةً أنّ "الطبيعة وحدها مزدهرة هنا"، ولافتة إلى التغيير الذي طرأ حتى على الأنهار، حيث تتواجد أسماك بلطي ضخمة لم يصطدها أحد منذ 8 أشهر.
"المباني الحكومية في المنارة لم تسلم"
إيغور أبراموفيتش، الذي كان مسؤولاً عن تأجير الشقق في "المنارة"، صار مسؤولاً عن توثيق الأضرار التي لحقت بالممتلكات، بحسب الصحيفة، وقد تحدث لها عن تضرر 70% من المنازل السكنية (أكثر من 110 منازل)، مؤكداً أنه "حتى المباني الحكومية لم تسلم على الإطلاق".
أما عضو المجلس الاستيطاني في المنارة، موتي شاي، فقد تحدث عن وحدة سكنية متضررة بشكل كبير، لافتاً إلى أنّ صاحبها توفي قبل اندلاع الحرب بفترة بسيطة، فوفّر على نفسه ألم النزوح. أما زوجته، راحال رابين، البالغة من العمر 100 عام، والتي شاركت في تأسيس المستوطنة، فهي في دارٍ للعجزة في مستوطنة أخرى غير حدودية، و"لا أحد يعرف إذا كانت ستعود إلى هنا".
"لهب مستعر في المالكية.. ولا سيارات إطفاء"
"منذ وقت طويل لم تصل إلى المالكية سيارات إطفاء، ولكن ألسنة اللهب مستعرة هنا بوفرة".. هذا ما قاله مدير مجتمع مستوطنة المالكية، وعضو "مجموعة التأهب" فيها، إيتي كرويز، للصحيفة، مضيفاً: "نحن نطفئ كلّ ما يحيط بنا".
وسخر كرويز من عدم قدوم رجال الإطفاء إلا في حال وجود خشية على حياة الإنسان، قائلاً "إذا أُصِبنا أثناء الإطفاء سيتوجب عليهم المجيء".
وأقر كرويز بأن المستوطنة تحولت إلى "ميدان رماية بلا توقف"، مؤكداً أنه "قد يسقط صاروخ هنا في كل ثانية"، متحدثاً عن تضرر 30 منزلاً، وعن حرائق في الأحراش، معتبراً أن ما يظهر في الطريق إلى المستوطنة من أضرار لحقت بها، هو بمثابة أرض محروقة ترافق القادمين إليها.
وتحدث كرويز بالتفصيل عن الأضرار الزراعية في مجتمع زراعي في الأصل، بدءاً من عثوره على حقيبة مدفع "ماغ" في بستان الكيوي، وهو ما يؤكد أن الجيش يدير المعركة من داخل البساتين الخاصة، بحسب رأيه، إلى تعذر زراعة العنب المخطط زرعه، في وقته المحدد، إلى سياسة التعويض الرديئة التي تعتمدها الحكومة، قائلاً: "سنعاني سنين طويلة إلى الأمام بسبب هذا، في النهاية هذه كانت حياتنا".
"أفيفيم.. تتعذر رؤية بشائر في الأفق"!
"ذات مرة كانت هنا غابات، والآن فقط آثار الحرائق التي التهمت كل قطعة أرض خضراء".. هكذا وصفت الصحيفة المشهد في مستوطنة أفيفيم المنخفضة المستوى، والمكشوفة لقرية مارون الراس اللبنانية، مشيرةً إلى تضرر 60 منزلاً، من جراء القذائف الصاروخية والصواريخ المضادة للدروع.
وأكدت الصحيفة أن زيارتها إلى أفيفيم لم تكن ممكنة إلا في أيام عيد الأضحى، التي توقف فيها حزب الله عن إطلاق النيران، ناقلةً عن عضو "مجموعة التأهب"، يوسي بيتون، أنّ الأضرار شملت الوحدات السكنية والأراضي الزراعية والمداجن، أما معصرة "أفيفيم" التي أقيمت قبل عقود فلم يبقَ منها إلا هيكل معدني ذاب من جراء حرارة اللهب الذي سيطر عليه.
أما شمعون بيتون، رئيس المجلس الاستيطاني في "أفيفيم"، فقد قال "يتعذّر علينا رؤية بشائر في الأفق. أشعر أنني عبء على الحكومة، لم يتعامل أي أحد معنا ولم يأتِ لرؤية ما يجري هنا".
"يرؤون لن تعود كما كانت من قبل"
فارق الحياة وبجانبه ابنه.. وفاة نجم فيلم "تيتانيك" وعائلته تنعاه بحزن
عضو "مجموعة التأهب" في مستوطنة يرؤون، تومار فسرمن، تحدّث عن نسبة أقل من الأضرار ومن الإصابات المباشرة في المستوطنة، مقارنةً بمستوطنات أخرى، بسبب الكميات الهائلة من الأشجار التي تخفيها نسبياً عن بلدة مارون الراس، ولكن هذا لم يحل دون فراغ المستوطنة من سكانها.
وقال فسرمن لصحيفة "هآرتس": "في داخلي، أعرف أن المستوطنة لن تعود كما كانت من ذي قبل. بين الفينة والأخرى يتسنى لي البكاء ليلاً على حالنا".
"من سيأتي إلى دوفيف؟"
أحد مستوطني دوفيف، يسرائيل يكوتي، قال للصحيفة الإسرائيلية: "نخسر الشمال، ذات مرّة احتضر، واليوم مات.. من الذين سيأتون إلى هنا؟ حتى الأموات لن يأتوا ليُدفنوا هنا".
وقال يكوتي إن الصّواريخ انتزعت الأشجار، كأنّه لم يبق منها شيء، مؤكداً أن "الأمر سوف يستغرق كثيراً من الوقت حتى تنمو هذه الأشجار مرة أخرى".
"فطور قائد السرية ثمنه صاروخ بركان"
أكد أحد مستوطني شتولا، أنّ قائد السرية التي تتموضع في المستوطنة طلب منه بيضاً للفطور في اتصال هاتفي، وفي اللحظة التي خرج فيها من خم الدجاج وبيده البيض، أصاب الخمَّ صاروخ "بركان" أدى إلى بقائه في المستشفى 4 أيام لتلقي العلاج.
وأكد حتان أن "لا أحد يريد العمل هنا، لا مقاولون، لا مخمّنو ضرائب، ولا حتى ضريبة الأملاك، كلّهم يخافون"، مؤكداً أنه يبحث منذ أشهر عن مسكن بين الناصرة ونهاريا، ومقراً أنه "ولو نفّذوا اتفاقًا فلن أعود.. رغم أنه ليس لي مكان أذهب إليه".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى تعرّض 12 منزلاً في المستوطنة لإصابات مباشرة، وحوالي 30 منزلاً إضافياً لإصابات غير مباشرة.
المستوطنة أورا حتان، أكدت للصحيفة أنها المرأة الوحيدة التي بقيت في المستوطنة، وأنها تطبخ للجنود ولكنهم لا يأكلون في منزلها كي لا يتحول إلى هدف لحزب الله، مؤكدةًَ أن الحزب يهدف لإفراغ الجليل ولكنه لا يستهدف سوى الجنود.
زرعيت جنة عدن الشمال!
"هي جنة عدن الشمال ولكن ليس حالياً".. هكذا قالت الصحيفة الإسرائيلية متحدثةً عن مستوطنة زرعيت، مؤكدةً أن الأنظار مسلطة حالياً على رامية ومروحين، حيث تنطلق الصواريخ باتجاه زرعيت، والتي أدت حتى الآن إلى إصابة 30 منزلاً في المستوطنة بالقذائف الصاروخية، وانتشار الدمار الهائل فيها.
أحد مؤسسي المستوطنة، قال للصحيفة، بينما يتنقل على جرار صغير داخل المستوطنة، ويمرّ بين المنازل مخمناً الأضرار، إن "رؤية البيوت على هذه الحالة تدمي القلب، سنة تقريبا والحدائق لم تمس"، مطالباً بشنّ "هجمة واسعة في لبنان وقطع المكالمات الهاتفية مع الولايات المتحدة وأوروبا لمدة شهر أو شهرين".
"عرب العرامشة".. صافرات الإنذار تدلل على حجم الخطر
في مستوطنة عرب العرامشة، أشارت الصحيفة إلى أنّ "صافرات الإنذار التي تشغل مراراً وتكراراً تدلل على حجم الخطر"، متحدثةً عن نحو 120 منزلا أصيبت بشكل مباشر وغير مباشر.
"لا توجد حياة طبيعية هنا"، يقول أحد المستوطنين الذين انتقلوا إلى مستوطنة "فرديم"، مشيراً إلى الحادثة التي أدت إلى مقتل جندي وإصابة 13 آخرين في المستوطنة.
وتابع المستوطن أنه لم يعد مهتماً بما سيقوم به في المستقبل، ولا يعنيه الاستثمار، بل يريد فقط "العيش من دون حصول أي شيء".
وأكدت الصحيفة أن أضرار الحرب تبدو واضحة جداً أثناء الخروج من عرب العرامشة، كما عند الخروج من كافة المستوطنات، معتبرةً أن "الغرف المحصنة على طول الطريق تشير إلى حرب ستندلع، ولكن رؤية الغابات وقد تحولت إلى عود ثقاب عاري تشير إلى أن الحرب اندلعت فعلاً"، وكذلك "رائحة الحري التي لا تمضي"، خاتمةً بعبارة "فقدنا الأمل.. ما كان يبدو أنه لا يمكن إعادته".