الأفرقاء اللبنانيون على وقع التوتر الإقليمي: بين مراهنين ومتفرجين؟!

كل المؤشرات تصب في إطار أن نتائج المواجهات العسكرية الإسرائيلية الإيرانية، سيكون لها تداعيات على مختلف دول المنطقة في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنها كانت قد دخلت، منذ عملية "طوفان الأقصى"، مرحلة رسم ملامحها المستقبلية، الأمر الذي يدفع معظمها إلى تكرار الدعوات إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات، تحديداً بين طهران وواشنطن، على إعتبار أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الوحيد القادر على منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من الذهاب بعيداً في الحرب.
في هذا السياق، من الطبيعي الحديث عن أن لبنان معني بشكل مباشر بهذه المواجهات، على إعتبار كان ينظر إليه، في الأصل، على أنه أكثر المتأثرين بنتائج المفاوضات الأميركية الإيرانية، بسبب إرتباط ذلك بدور طهران الإقليمي، ما يعني كيفية معالجة ملف سلاح "حزب الله"، الذي بات هو الملف الأول المطروح على الساحة المحلّية بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، في ظلّ إرتباطه، بحسب التوجهات الإقليمية والدولية، بملفات أخرى، منها إعادة الإعمار والمساعدات الإقتصادية.
وعلى الرغم من خطورة الوضع القائم في المنطقة، حيث القلق من توسع رقعة المواجهات نحو حرب شاملة، لا سيما إذا ما قررت الولايات المتحدة الدخول المباشر على الخط، ينقسم اللبنانيون في قراءة المشهد، لا سيما أن معظمهم لديه رهانات متعلقة بنتيجة هذه المواجهات، بسبب الإنقسام السياسي القائم منذ العام 2005 بين محورين، لا بل من الممكن الحديث عن رهانات بدأت من قبل كل فريق، إنطلاقاً من موقفه من طهران بالدرجة الأولى.
في هذا الإطار، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن حلفاء إيران في لبنان، خصوصاً "حزب الله"، يراهنون على قدرتها على الصمود، وبالتالي تسجيل إنتصار يسمح لها بالحفاظ على موقعها في الساحة الإقليمية، نظراً إلى أن تداعيات سقوطها، في حال تحول المواجهة إلى معركة حاسمة على مصير النظام الحالي، ستكون كارثيّة على واقعهم الداخلي، لا سيما بعد المعادلات التي كان العدوان الأخير قد أفرزها، ولذلك تطرح معادلة خطر الدخول في العصر الإسرائيلي، الذي ستكون فيه تل أبيب هي المتحكم بكل دول المنطقة.
في المقابل، توضح هذه المصادر أنّ القوى المعارضة لـ"حزب الله" لا تخفي رهانها على سقوط النظام في طهران، خصوصاً أنها تحمله مسؤولية الواقع الراهن في البلاد، تحديداً لناحية عدم القدرة على معالجة سلاح الحزب، الذي تصنفه منذ سنوات على أساس أنّه أداة أو أحد أذرع إيران في المنطقة، ولذلك ترى أن أي تغيير هناك من المفترض أن ينعكس إيجاباً على الساحة المحلية.
على الرغم من هذه الرهانات أو المقامرات لدى البعض، بحسب توصيف مصادر نيابية عبر "النشرة"، يبقى الأهم أن يبقى لبنان بعيداً عن دائرة المواجهات العسكرية الحالية، نظراً إلى أن البلاد لا تحمل أي ضربة جديدة، بالرغم من أنها من الطبيعي أن تتأثر بالظروف القائمة على المستوى الإقليمي، أما بالنسبة إلى ما هو أبعد من ذلك فهو أكبر من قدرة اللبنانيين على التأثير به، لا سيما أن التداعيات قد لا تقتصر على الساحة الإقليمية فقط، بسبب وجود جهات دولية معنية بالنتائج التي ستترتب عليها.
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أن هناك قسماً لا يستهان به من المتفرجين، لكنها تشدد على أهمّية الموقف اللبناني الرسمي، الذي ترى أنه لا يزال قادراً على السيطرة على الواقع الداخلي، حيث تلفت إلى أنّ بيروت لا تستطيع إلا أن تلتزم بالدعوات إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، بالتزامن مع الحرص على عدم التورط في أيّ خطوة غير محسوبة النتائج، خصوصاً أنّ الأوضاع تبقى مفتوحة على كافة السيناريوهات، وبالتالي لا يمكن توقع المسار الذي قد تذهب إليه.