اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

مراوحة سياسيّة تنعكس على سوق العقارات... إليكم التفاصيل

صيدا اون لاين

المراوحة السياسيّة التي تسيطر على المشهد العامّ في البلد، تنسحب جمودًا على الكثير من القطاعات استنادًا إلى حالة عدم اليقين حيال مستقبل لبنان والمنطقة، حيث تطول بشراراتها السوق العقارية وتُصيبها بنوع من التراجع بعد نموّ بطيء في المرحلة الماضية. حال القطاع العقاري المتردّي ينعكس سلبا على ما يُقارب الـ 70 مهنة ما يعني زيادة في نسب البطالة، كما أنه يعمّق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.

"لا يمكن القول إن في لبنان سوقًا عقارية فعلية. السوق اليوم شبه متوقفة، لأن المعروض قليل جدًا، ولا مشاريع جديدة تُذكر. بعض المطوّرين العقاريين بدأوا تنفيذ مشاريع صغيرة بتمويلهم الشخصي، لكن هذا لا يصنع سوقًا متكاملة". بهذا التوصيف، يختصر أمين سر "جمعية مطوّري العقار في لبنان" مسعد فارس وضع القطاع العقاري في لبنان.

يوضح لـ"نداء الوطن"، أن "لبّ المشكلة يكمن في غياب التمويل المصرفي. فالمطوّر العقاري يستطيع أن يشتري الأرض ويبدأ بالمشروع جزئيًا، لكنه لا يستطيع تمويل كامل المشروع من أمواله الخاصة. لكي تكون للمشروع جدوى مالية حقيقية، يجب أن يتوفر له تمويل مصرفي، وهذا غير موجود اليوم لأن المصارف عمليًا خارج اللعبة"، موضحًا أن "ما نراه حاليًا يُذكّرنا بمرحلة ما قبل التسعينات، عندما كان البناء يتمّ بتمويل فرديّ محدود، من دون النظام المصرفي المنظم الذي كان يسهم في تحريك السوق وتمويل المطوّرين والمشترين على حدّ سواء".

أمّا اليوم، فـ"المشتري الذي يملك سيولة بالدولار يستطيع أن يشتري، لكن من لا يملك هذا المبلغ نقدًا، لا يمكنه الدخول إلى السوق، خصوصًا لشراء شقق جديدة. لذلك، يتركّز النشاط العقاري الحالي في الشقق المستعملة، حيث يقوم البعض ببيع شققهم الكبيرة لشراء شقق أصغر، أو يبيعون أملاكهم بسبب الهجرة أو الحاجة إلى السيولة"، وفق ما يُشير فارس.
يُضيف: "مع ذلك، حجم هذا التداول محدود جدًا، ولا يمكن اعتباره "سوقًا عقارية فعلية". وبالتالي، يمكن القول إن السوق العقارية في لبنان ما زالت متوقفة أو في حالة جمود، ولا يمكن أن تتحرّك فعليًا قبل عودة النظام المصرفي إلى العمل الطبيعي وتأمين التمويل اللازم للمشاريع العقارية". ويُشدّد على أنه "إذا لم يتحرّك القطاع العقاري، فلن يتحرّك الاقتصاد ككلّ، لأن هذا القطاع يُشكّل محرّكًا أساسيًا للنشاط الاقتصادي، ويرتبط به أكثر من سبعين مهنة، من كهربائيين ونجّارين وحدّادين وعمال بناء وغيرهم".

حركة الإيجار

عمّا يُحكى عن تحريك قطاع إيجار الشقق، على خلفيّة التهديدات الإسرائيلية لبعض المناطق اللبنانية، حيث يبحث بعض اللبنانيين عن أماكن أكثر أمنًا في حال وقوع اعتداءات، يجيب مسعد: "بالنسبة للإيجارات، سمعنا كثيرًا عن ارتفاع الأسعار بسبب نزوح بعض العائلات من الجنوب والضاحية نتيجة الحرب. لكن الواقع أن الأسعار كانت أصلًا مرتفعة جدًا خلال الصيف، وأُجِّرت الشقق بالفعل بأسعار عالية للبنانيين قبل هذه التطوّرات، وبالتالي لم يعد هناك مجال كبير لزيادات إضافية. الأسعار بقيت مرتفعة، لكنها لم ترتفع أكثر لأنها وصلت أصلًا إلى سقف مرتفع".
ويوضح أنه "صحيح أن هناك طلبًا على الإيجارات — خصوصًا في المناطق الجبلية والمتن — لأن الناس يميلون إلى الابتعاد عن بيروت في هذه الظروف، لكن هذا الطلب لم يؤدِّ إلى ارتفاع إضافي بالأسعار".

أمّا بالنسبة إلى المشاريع العقارية، يرى فارس أننا "لن نشهد في المدى القريب مشاريع كبيرة أو ضخمة لأن التمويل المصرفي ما زال غائبًا"، لافتًا إلى أن "ما نراه اليوم مجرّد مبادرات فردية صغيرة — مبانٍ بمساحات 2000 إلى 6000 متر مربع — لكن المشاريع الكبيرة التي تتجاوز 10 أو 15 أو 20 ألف متر لن تعود قبل عودة المصارف إلى تمويل القطاع".
ويُشير إلى أن "المواطنين أيضًا غير قادرين على الشراء من دون تمويل، فحتى من يريد أن يبني أو يشتري بيتًا يحتاج إلى تسهيلات مالية. من هنا، يصبح واضحًا أن الدولة عليها دور أساسي في معالجة قضية السكن والإسكان".

وعن دور الدولة هنا، يقول فارس: "صحيح أن أمام الدولة اليوم تحديّات كثيرة، وأتفهم أن الوزراء يعملون بكل طاقاتهم، لكن موضوع السكن يجب أن يكون أولوية، لأنه يرتبط مباشرة باستقرار العائلات والمجتمع. كانت هناك في الماضي برامج إسكانية ناجحة نسبيًا — مثل قروض مصرف لبنان المدعومة، أو مشاريع التعاونيات السكنية لموظفي مؤسّسات الدولة — وقد ساعدت هذه المبادرات آلاف العائلات على امتلاك منازل".

يختم فارس: "اليوم، المطلوب ليس تكرار التجارب السابقة بأخطائها، بل تصميم برامج جديدة أكثر استدامة، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص. يمكن للدولة أن تضع إطارًا تنظيميًا وتمويليًا، فيما يتولّى القطاع الخاص التنفيذ، وبذلك نعيد تحريك السوق العقارية ونؤمّن في الوقت نفسه مساكن لائقة بأسعار معقولة. قدّمت شخصيًا دراسة مفصّلة حول هذا الموضوع إلى وزارة المالية وإلى بعض الجهات الرسمية، وأؤمن أن هذا الملف يجب أن يُفعَّل سريعًا. فالناس بحاجة إلى بيوت، وخصوصًا بعد الدمار الذي خلّفته الحرب الأخيرة، ولا يمكن أن نبني اقتصادًا مستقرًا من دون سوق إسكان صحية وعادلة"

تم نسخ الرابط