عن سلامة الغذاء... أيّها اللبناني ماذا تأكل؟

تُثير ظاهرة فساد المواد الغذائيّة مخاوف واسعة، لما لها من تأثير مباشر على صحّة المواطنين وثقتهم في المنتجات الغذائيّة، وكَثُرَت في الفترة الأخيرة، عمليّات ضبط محلات تبيعها، وآخرها، خلال دهم دوريّة تابعة للمديريّة العامة للجمارك - ضابطة صيدا محلات في منطقة العاقبيّة، حيث تبيّن وجود كمية كبيرة من المواد الغذائية منتهية الصلاحيّة، بالإضافة الى أجبان وألبان فاسدة وغير مطابقة لأدنى شروط السّلامة الغذائيّة، كما ضُبطَت كمية من الدخان والمعسّل المهرب والمزوّر. فماذا يأكل اللّبنانيّون؟ ومَن المسؤول؟
يكشف مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، لموقع mtv، أنّ "وزارة الاقتصاد أجرت 17241 جولة بشأن سلامة الغذاء، منذ بداية عام 2025 ولغاية تشرين الأول، شملت مطاعم ومسامك وملاحم ومواد غذائيّة، وسطّرت 459 محضراً متعلّقة بسلامة الغذاء".
من جهته، يُشير الأستاذ والباحث في علوم الغذاء الدكتور حسين حسن إلى أنّ "وضع سلامة الغذاء في لبنان ليس في افضل حالاته، إلا أنّه ليس سيّئاً، فهناك تحدّيات كبيرة كسائر الملفّات في البلد"، مضيفاً: "لكن، مقارنةً مع دول أخرى، وضع لبنان لا يزال مقبولاً رغم أنه يمكن أن يكون أفضل، فالفساد في الغذاء موجود في أفضل دول العالم، إذ أنّ في أميركا يموت سنويّاً 5 آلاف شخص بسبب تسمّم الغذاء".
ويُتابع، في حديث لموقع mtv: "هذه الظّاهرة موجودة في كلّ العالم كلّه، ولبنان جزء منه، فنظراً للأزمات المتتالية، لم تكُن التّحسينات في موضوع سلامة على قدر التّطلّعات، لذلك نشهد انتشار المواد فاسدة في الأسواق من حينٍ إلى آخر".
من يتحمّل مسؤوليّة ما يجري؟ يرى حسن أنّ "المصنّعين ومستوردي المواد الغذائيّة والدّولة، تقع عليهم مسؤوليّة أخلاقيّة وقانونيّة للتّأكد من أنّ سلامة الغذاء وممارساتها تُطبَّق من المزرعة وصولاً الى المستهلك".
ويقول: "على المصنّع أن يكون لديه نظام لإدارة سلامة الغذاء ونظام تتبّع، وأن يتعامل مع تجّار مواد أوليّة معروفين، وأن يجري الفحوصات المخبريّة اللازمة، وأن يستثمر في سلامة الغذاء وأن يتأكّد من شروط النظافة ومن أنّ ممارسات التّصنيع الجيّدة متوفّرة، أمّا التّاجر الذي يستورد المواد الغذائيّة، فيجب أن يتعامل مع مصادرمعروفة للمنتجات وأن يجري فحوصات مخبريّة، مع الأخذ بعين الاعتبار طريقة التخزين التي يجب أن تراعي الشّروط الجيّدة".
ماذا عن دور الدّولة؟ يرى حسن أنّ "دور الدولة الرّقابيّ مطبّق جزئيا"، نظراً لأزمة القطاع العام وتردّي الرّواتب وعدم وجود الموارد اللازمة كي يقوم المفتّش بعمله بشكل مناسب، وغياب المختبر المركزي، وكذلك الهيئة الوطنية لسلام الغذاء"، لافتاً إلى أنّ "هناك جهوداً مشكورة تقوم بها وزارات الاقتصاد والصحة والزراعة والصّناعة، لكن ليس هناك عمل كافٍ، ودور هذه الهيئة أن تتبع منهجية تقييم المخاطر وأن تخلق التّنسيق بين الوزارات وان تعمل على تكامل الجهود".
ويلفت حسن إلى أنّ "المُستهلك لا يمكنه أن يعرف إذا كانت المنتجات فاسدة، لكن، من الضّروري أن يقرأ الملصقات الغذائيّة وأن يسأل عن مكان استقدام المنتجات، والتّركيز على شراء المواد الغذائيّة الموضّبة في أكياس، كما الشّراء من سوبرماركت، حيث الكهرباء مُؤمّنة 24 على 24".
كما يُشدّد حسن على ضرورة أنّ "يعمل المواطن على تعزيز مناعته لأنّها الأساس وتحمينا من أي فساد غذائيّ، ويكون ذلك، من خلال تحسين نمط الحياة وعدم التّدخين، والنّوم جيّداً، وشرب المياه وتخفيف الضّغوط".
وفي الختام، يدعو حسن إلى "ضرورة الضّغط على صنّاع القرار لوضع سلامة الغذاء على سلّم الأولويّات في أجندة الدّولة للصّحة العامّة، لأنّ سلامة الغذاء لا تأخذ التّركيز اللازم".